ألم الأرقامِ..! : قصّة قصيرة – بختي ضيف الله (المعتزبالله) –حاسي بحيح – الجزائر 20 أبريل,2016 بختي ضيف الله (المعتزبالله) –حاسي بحيح – الجزائر بلغ عمره تسعا وأربعين سنة وبضعة أشهر ، آلمه اقتراب الخمسين ، اضطرب قلبه وأصيب بحمى شديدة،تمنّى لو تتوقّف السّاعات والأيّام ،كأنّه يرى نهايته .. ! زار جاره صاحب الخمس والسّتّين ، سأله عن ما يحسّ به من ألم ،هل هو حادّ جدّا يمنعه من النّوم ؟هل يقلق زوجته وأولاده ؟لم يجبه . يبدو أنّك تكتم الكثير يا جاري العزيز.. أنا لا يؤلمني شيء ،أنا في صحّة جيّدة ،لا أزور الطّبيب إلاّ قليلا. ارتشف ما بقي من قهوة وانصرف إلى داره وانزوى في حجرته المظلمة . بعد الظّهيرة،دخل مكتبة الحيّ فوجد صاحبها العصاميّ عاكفا على قراءة كتاب الأيّام ،علقت عيناه بغلاف الكتاب ..طه حسين ونظّارته السّوداء ، ضاق صدره ممّا رأى فلم يلق التّحيّة ، وبقي واقفا لمدّة طويلة ممّا أثار استغراب صاحب المكتبة. – أهلا بأخينا العزيز ، ما الذي أتى بك؟، أراك مضطربا، هل من مشكلة ؟ ! -لا..ولكن أريد أن أسألك ..كم عمرك ؟.. -كم عمري ..؟ !..تجاوزت السّبعين ..ولماذا تسأل..؟ ! -هل تحبّ الأرقام ؟ ..هل تسبّب لك ألما عند سماعها ؟..ألا يقلقك تلاحق السّنين..؟..أنت الآن تزحف نحو الثّمانين.. – نعم ..أحب الأرقام..هل نسيت أنّي كنت مدرّس رياضايّات؟..أنا لا تهمّني الحالات وكيف هي ..المهمّ أن تكون حالتي معها ممتازة.. لم يكمل العصاميّ كلامه حتّى رنّ هاتفه ..” ألو ..أسرع إنّ أباك يحتضر “.. ذهبا إلى بيته مسرعين ،وجداه فعلا في حالة احتضار ،والأولاد والأحفاد عند رأسه.. (بصوت خافت ) :كم عمر أبيك يا أستاذ ..؟ .. – مائة وعشر .. ! ..ولكنّه يتألّم .. – ..لا تخف ..هدّئ من روعك..هذا ألم الانصراف..الانصراف فقط.. ! وما هي إلاّ دقائق حتى فارقت روحه قفصها..لتلاقي الرّحمان الرّحيم.. عاد إلى داره وقد تركهم ملتفّين حوله .. احتضن أولاده وأوقد الشّموع ووفتح كل نوافذ البيت، واشترى لهم عشاء دسما ..ونسي موعد الطّبيب ..وأحبّ كلّ الأرقام ..من الواحد إلى العشرة..فهي لم تعد تسبب له ألما.. 2016-04-20 محمد صالح بن عمر شاركها ! tweet