عَسَلٌ مُسْترابٌ – شعر لمحمّد عمّار شعابنيّة

محمّد  عمّار  شعابنيّة

محمّد عمّار شعابنيّة

أنا… كلّما سرت  في شارعٍ صاخبِ
أراوغ ما  يترصّدني فيهِ
كَيْ أدخل  البيْتَ من  بابِهِ
وأعرف أنّ النّوافذَ تـُغري
دخولَ الخنافس  والقططَهْ
وإنْ أربكَتْ حِكـْمتي لخـْبطهْ
أوجّه روحي  وريحي
إلى  نقطة في مدار بعيدْ
وأجري وراء القصيدْ
بما  يقتضي  الحَرْف منْ
سرْعة  مفْرطهْ
وأصنع من  فكْرة  ورَقهْ
وأُلقي عليها
بُذورَ الكلام الذي لا يموتْ
وأغسِلها  من  بياض السّكوتْ
وأُقصي المعاني  التي
تُخاتلني خارجَ النّصّ مخْتَرقهْ
و في بُؤْبُؤِ النص سوداء محْترَقهْ.
فيا  عِلّة  الوقْتِ  ..
يا  جَشَع  العالـَمِ العنكبوتْ
أمَا آنَ للأرض أنْ يتنفّس عشّاقُها الصّعَداء
وتنأى بدوْراتِها  عن حماقات  عصر  مَقيتْ ؟
يحاصره  الخوْف  والتّيهُ  والهرْطقهْ .

××××××
سماءٌ تطوّقها الريحُ
أمْ لوْن عاصفة في السماءْ
تذرّي وَميضَ النّجومْ
فتجري الغيومْ
إلى حيثُ لا نَبْتَ يُسقى
ولا  زرْعَ يبقى
ولا  ما  يغذّي  ترابًـا  عقيمْ
ولِي  ما  يُؤجّل  حُلْمي
إلى  موعدٍ غير  ذي  عطـَشٍ  أو  دماءْ
لأنّي فقيرٌ  إلى  عاَلمٍ
يخلـّصني  من تباريح  هذا الزمان  الذي
يُرمّم  في  كل رفـَّة  عيْنٍ
توَتـُّرَ أعصابِهِ .

××××××
هنا لوْثةٌ  في الخريطةِ
فلـْيَتداعَ الذبابْ
على  عسَل  مُسترابْ
لِيعلمَ أهل التّرابين شرقا  وغرْبا
بأنَّ  الربيعْ
صقيعْ
وأنّ الذئابَ التي نام عنها الرعاةْ
أباحتْ دماءَ القطيع
وأنّ الذي ضاعَ في غسَق الليلِ،
في وضَح الشمس يخجلني إذْ يضيعْ
فماذا  تقول  البلاد  التي لم يُؤَرَّقْ
ـ إذا عسعس الليل  ـ  حٌكّامٌها
وزاوج بين الحراميْن أزلامُها ؟

××××××
لو أمشي…
إلى أين  أمشي؟
إلى زمن  غير شجَنٍ
ومكان عَصِيّ  المنالْ
أسوق السحابة مستوثقا بعصايْ
ومسترشدا  بخطايْ
إلى  واحة في أقاصي الرّمالْ
ولا نوْمَ لي في جنوبٍ
ولا نوْم  لي في شمال
سوَى أنني أتوسّل  للحرب  والسّلم
أن لا  يناما معًا تحت  شمْس  وظلِّ
وأن  يفـْسَحا  لي  وللناسِ درْبًا
تُؤَدّي  إلى عالمِ من خيالْ
وكمْ عالمٍ  فيه  نغفو  وتصحو
على واقعٍ  هوّ  جرحٌ
يؤاخيه  جرْحُ

××××××
أقاومُ  صمْتي
وأسمع  صوتي
كما يسمع القلب نَبْضَهْ
وأعرف  نفسي
كما يعرف  الكُلُّ بعضَهْ
وأطلقُ معنى على كلِماتي  …
أنا مَن أرى فيكِ ذاتي
ومجرى حياتي
وما في ضلالي وهَدْي من الأمنيات
وأنتِ  التي صِرتِ سُدّا
لفيْض الأماني
لهذا ، لماذا
متى  قلتُ إني
من  الوجد صَبٌّ أعاني
وإنْ شئتُ  أنْ أتحيّنَ مّما
تؤثثه الروح معني
تَبُلـّين طين المعاني؟

××××××
أعـِرْني يراعَك  يا  ولـَدي
لآكتـُبَ ما  يقتضي موْعدٌ  قادمُ
فإنْ لم  أجِدْ   مَخرَجا  لحروفي
فقدّرْ  ظروفي
لأنّي  مَدِينٌ  إلى  أن  أعلـِّقَ  صوتي
على  كلّ بابْ
وأهتِفَ  في  الناسِ
يا  أيها  النّاس لا تطلبوا قطعةً
من  شريحة  زادي
فزادي هنا  الآنَ أرغفَةٌ  من  ترابْ
وفي  جرّتي  عسَلٌ مُسترابْ.

……………………
أعرْني لسانَك يا  ولدي
فإنّي  عَيِيُّ
ولمْ أدرِ إنْ كان صوْتي حَيِيًّا
وقد قِيل إنّي حَيِيّ
ودرْبي الذي اعْوَجَّ من وطْأةِ  المَشْيِ
لا  يتمنّى
سوَى أنْ تُؤَسـِّسَ  درْبا  سَوِيِّ
فحاضرنا سَيّئُ الصِيتِ يا كَبِدي
وحاضرك المُتشَوّفُ يرسُم أحلامَهُ
كبيْتٍ من الشّعْر
يرسُم  إيقاعَ  قافِيةٍ  أوْ رَوِِي…
أعرْني ابتسامَ التّفاؤل يا ولَدِي
لأُفْرِغ َ قلْبي من الوَجَعِ المتكلّس فيه
وأُطلِقَ  نبْضي
لميعاد أغنيةٍ لا تتِيهْ

المتلوي  أيام 4 و5 و6 أوت  2015

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*