حوارات مجلّة “مشارف” :19 – مع الشّاعرة الفرنسيّة باتريسيا روايّي

باتريسيا روايّي

من هي باتريسيا روايي؟

ولدت باتريسيا روايي في 18 ماي / 1967 بمونتبريسون بمحافظة اللّوار ( فرنسا) . شعرها من النّوع المأنوس، كما هو مبثوث في الطّبيعة وفي المحيط الفضائيّ والاجتماعيّ ، بعيدا عن أيّ بحث أكاديميّ لكن الشّاعر هو القادر وحده على التقاطه والتّعبير عنه بلغة رائقة مدهشة .وأبرز خصائصه البساطة والتّلقائيّة وقوّة الطّاقة الانفعاليّة، تلك التي يتمخضّ اجتماعها عن لون من الكتابة الشّعريّة الخفيفة يرمي إلى الأخذ بلبّ القارئ وتحقيق انشداده إليه. بعد أن شغلها في بداياتها غرض الحبّ الاستحواذيّ السّاحق انتقل اهتمامها، فيما بعد،إلى المظاهر الفاجعة في الحياة و المواقف الإنسانيّة البالغة الأثر، مصطبغا على نحو متزايد بلون وجوديّ لكن دون الابتعاد عن الواقع و الخوض في الأبعاد الفلسفيّة.أسلوبيّا على الرّغم ممّا يتّسم به شعرها من الخفّة ووضوح الفكرة وقوّة الطّاقة الانفعاليّة المحمّلة في الألفاظ فإنّه يلفت الانتباه بالجهد الذي تبذله في صياغة الصّور وتنقية اللّغة من العبارات المبتذلة والدّلالات المرجعيّة.
صدر لت لها مجموعتان  شعريّتان :زهرة من ورق ،دار أديلفر،باريس 2015 وحديقة قلبية ، دار فصل للنّشر  ،باريس 2016.

السّؤال الأوّل :عرفتك لأوّل مرّة في الفضاء الفايسبوكيّ للشّاعر الغزليّ الفرنسيّ لورون مورو- فارو الذي أنت من  كبار المعجبين والمعجبات بشعره.فماذا يجسّد في نظرك هذا الشّاعر ؟ معبودا فنّيّا ؟ مثالا يحتذى؟ مُلْهِما؟

باتريسيا روايّي :  أنا معجبة بالشّاعر لورون مورو- فارو ، أحبّ كثيرا قراءة شعره الطّافح بالمشاعر الغراميّة.وقد كان بالنّسبة إليّ الوسيلة التي اكتشفتُ بها  وجود حياة شعريّة على الفايسبوك.حقّا بفضل قراء ة  قصائده  والتّعاليق التي تُكتَب عليها  لقيت افتراضيّا شعراء آخرين وأصدقاء واكتشفت عالما قائما على التّبادل الشّعري في هذه الشّبكة الافتراضيّة.

السّؤال الثّاني :بعد إن انضممتِْ إلى قائمة أصدقائي  على الفايسبوك ظللتِ أكثر من سنتين دون أن تقاسمي في صفحتي أيّ نصّ  من نصوصك ثمّ فجأة أخذت قصائدك تتوالى على نسق سريع .فلماذا ذلك التّردّد في البداية؟ وهل كانت تلك المرّةَ الأولى التي بدأتِ فيها كتابة الشّعر؟

 

باتريسيا روايّي : الشّعر يشكّل جزءا من حياتي منذ طفولتي الأولى. فلم أنقطع يوما عن الكتابة، بدءا من كتابة قصائد أنشَرها في بطاقات التّهنئة بأعياد الميلاد وغيرها من الحفلات ، إلى القصائد التي أقاسمها الآن على الفايسبوك.

لقد تردّدت في مقاسمة قصائدي فترة طويلة لأنّي خجولة جدّا ولم تكن لي الثّقة الكافية في ما أكتب.

على أنّ ابنتي الكبرى وصديقي الشّاعر البلجيكيّ قايبن باريسي الذي اشتركتُ معه في كتابة قصيدتين(عنواناهما “ستائر مغلقة ” و”آخرُ حفلة رقص” ) أقنعاني بفائدة الانتماء إلى المجتمع الشّعريّ الموجود على الفايسبوك  )  مشجعيْن إيّاي على الزيادة قليلا  في كتابة الشّعر  وباذلين كل جهدهما لأجل إكسابي الثّقة في نفسي.

السّؤال الثّالث :أعترف بأنّ تعاليقي الأولى على قصائدك كانت قاسية بعض الشّيء.وكان ذلك لمساعدتك على تحسن أسلوبك في الكتابة .فماذا كان ردّ فعلك على تلك التّعاليق؟

باتريسيا روايّي : حقّا كانت تعاليقك قاسية .لكنّها كانت صادرة عن حسن نيّة وسلامة طويّة ، كما كانت تزخر بالنّصائح.وقد تلقّيتها على أنّها طريقة توخّيتها لمساعدتي على تطوير أعمالي الشّعريّة .وبفضل تلك التّعاليق وضعت نفسي مجدّدا في موضع تساؤل.وهذا ما مكّنني ، فيما أرجو،من تحسين أسلوبي في الكتابة .

 

السّؤال الرّابع :في قصائدك الغزليّة يبدو المحبوب  الذي تتحدثين عنه لا يبادلك عواطفك.فهل يتعلّق الأمر بحبّ من   طرف واحد؟ ومن جهة أخرى يبدو أيضا هذا المحبوب أيضا من نسج الخيال مثلما هو الحال في شعر لورون مارو-فورو حيث تتغيّر الحبيبة من قصيدة إلى أخرى.فما هو نصيب الحقيقة من كلّ هذا؟

باتريسيا روايّي:المحبوب في قصائدي ،مثلما حزرته  من صنع الخيال.لكن أليس المتخيَّل هو الذي نرغب فيه  من كلّ قلوبنا؟ أعترف ،مع ذلك ،بأن قصائدي تتحدّث عن  امرأة واقعة في حبّ رجل   له في ذهنها صورة  مثاليّة ولا يبادلها المشاعر نفسها.


السّؤال الخامس : خلافا للشّاعر الغزليّ لورون مورو-فارو الذي جعل من الحبّ تقريبا غرضه الأوحد فإنّ هذا الغرض ،على أهمّيته في شعرك، لا يحتلّ إلاّ حيّزًا معيّنا إلى جانب غرض الطّبيعة.ولمّا كنت حضريّة فما هي العلاقة التي تقوم بينك وبين الطّبيعة؟هل هي ملاذ تهربين إليه من الفضاء أو المجتمع الحضريّ ؟

 باتريسيا روايّي : لم أكن في أيّ وقت من الأوقات حضريّة حقيقيّة.فقد سكنت  دائما في بلدات ريفيّة صغيرة بضواحي مدينة سانت أتيان.

الطّبيعة عندي ملجأ لما يسود فيها من  هدوء وجمال خالص ودهشة .وهي  تجسّد الأمل في الانبعاث.فكلّ زهرة  تتفتّق وكل ورقة تسقط هي صورتها ذاتها.

أرمي بما أكتبه من نصوص شعريّة إلى بيان الجمال الكامن في محيطنا وتحسيس القرّاء بضرورة حماية كرتنا الأرضيّة وحماية هذه الطّبيعة السّاحرة التي تلهمني في كل لحظة.

 

السّؤال السّابع  : تستوقف قارئ قصائدك أيضا شواغل وجوديّة تتعلّق أساسا بالموت .فلِمَ هذا الإحساس الموحش؟

باتريسيا روايّي : مثلما أشرت إليه  في ما سبق تنبع  هذه الأحاسيس الموحشة القاتمة من ماض لا يقلّ عنها قتامة .أنا أكتب على نحو لاشعوريّ .فحين يكون المقام مواتيا للحزن أو للذّكريات تكون القصائد أشدّ وحشة وقتامة . و  على الرّغم  من التقدّم في السّنّ فالخدوش والجراح تبقي مفتوحة وحتّى إن مضى الزّمن حثيثا  فالجراح لا تندمل.

 

السّؤال الثّامن : اطّلعتْ على كتابنا مختارات من الشّعر العالميّ  الذي أُدْرِجتِ فيه.ما هو الانطباع الذي تركه لديك وجودُك  مع هذه النّخبة من الشّعراء المنتمين إلى القارّات الخمس؟

باتريسيا روايّي  : قبل كلّ شيء أشكرك العزيز محمّد صالح بن عمر على اختياري لأدرج في هذه المنتقيات . إنّه شرف لي أن أكو ن ضمن مجموعة من الشّعراء الأفذاذ اختيروا من العالم بأسره .فلهذا ، بوحه خاصّ،  وقع حسن  في نفسي ، كما أنّه يشجّعني على مواصلة كتابة قصائدي ونشرها.

 

السّؤال التّاسع : هل أنت راضية عن الخدمات التي يقدّمها لك الفايسبوك باعتبارك شاعرة؟

باتريسيا روايّي  : اكتشفتُ على الفايسبوك مجتمعا نصيرا ودودا  من الشّعراء والفنّانين .وقد أصبح بعضهم من أصدقائي والمقرّبين منّي .وهؤلاء أحبّ الحديث والتّواصل معهم بانتظام .ويمكنني القول أنّي راضية عن هذه الاتّصالات والعلاقات التي ربطتها بوساطة الفايسبوك.

 

السّؤال العاشر : ماهي مشروعاتك العاجلة والآجلة؟

باتريسيا روايّي  : مشروعاتي؟ أنوي مواصلة الكتابة لكنْ الاستمرار  في ممارسة الرّسم أيضا لكون هذين االنّشاطين هوايتين لي تبعثان فيّ السّرور والانشراح  .

بعبارة أدقّ سأواصل كتابة قصائدي ورسم لوحاتي .لكنّي سأركّز اهتمامي على مشروع  لم ينفكّ ينضج في ذهني وخيالي منذ عدّة سنوات. وهو كتابة رواية . وكلّ  ما أرحوه هو أن تكون لدي الشّجاعة الكافية لإتمامها وخاصّة لنشرها لأنّي ،كما سبق أن قلت، خجولة جدّا ومتحفّظة.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*