قراءة في ديواني ” فراشات ملوّنة” و”أطيار المواسم الأربعة”للمصيفي الرّكابيّ: بقلم : قاسم ماضي – ديتروت – الولايات المتّحدة الأمريكيّة

للمصيفي الرّكابيّ

قاسم ماضي

:
المصيفي الرّكابيّ   هو أول شاعرٌ وقاص عراقي مغترب نشر ديوانين من “شعرالهايكو” في المُغترب الأمريكي ”
وهما ” فراشات ملونة و”أطيار المواسم الأربعة” .
وهو لون من الشعر  نسبيا جديد يستند على مهارة جيدة ، ويُكتَب بأسلوب سلس حتى إنه صار يجلب انتباه القارئ المتابع للأنشطة الثقافية والمعرفية  هنا، ويتواصل معه بمخاطبة الطبيعة والإنسان ،على الرغم من أن هناك الكثير من الأصوات التي  تتعالى ضد هذا النوع من الشعر،عادّة إياه  دخيلا ً على الثقافة العربية ، حتى  إن بعضهم وصف قصائد الهايكو بأنها “قصائد ناقصة وغير مكتملة “.

والذي يتابع قصائد هذا الشاعر الغزير الإنتاج  ممّا ينشره في الصحف الاغترابية وفي بعض المواقع الالكترونية والصحف العربية لا يملك إلا  أن يعجب بما تحويه من صور شيقة موحيةكم ذلك مثلا قوله:
“من طنين البعوض
تتكون ” نوتات ”
موسيقى الغسق .ص4
وفقي هذا الصدد يقول “فرج الخزاعي ” يتميز المبدع العراقي ” المصيفي الركابي ” بشعر هايكو  قوامه اختزال المعنى ، وبلاغة الكلمة  باستخدام مفردات وعبارات  منتقاة ذات قيمة فكرية  تحيل على العلم والمعرفة  والفلسفة إلى جانب  ما يصوغه بها من صور  مربكة  ممتعة وتشكل هاجساً لتفهم مشاعر الآخرين . من ذلك قوله:
يرقص تودداً لأنثاه
طائر الماركيز
كأنه المجنون ص5
ولقد كان لتفاعل المصيفي الركابي  مع الوسط الأدبي والثقافي  هنا الأثر البارز في  حسن اختيار الفكرة  المناسبة و إطلاق العاطفة  الجياشة المتدفقة  في محيط مسامعنا في يعج  بالشعر العمودي  الذي مازال الكثيرون متمسكين به لاكلس ذائقتهم و افتتانهم بالكلام الموزون المقفى الذي تعبنا منه ومن هذيان  قائليه أولئك الذين يعيشون بجوارحهم في الماضي ويصدون عن رياح العصر .ولا داعي لذكر الأسماء هنا.

فقصيدة الهايكو عند ” المصيفي الركابي ”  تمتاز  رغم قصرها  بموسيقاها  الشعرية العذبة  وبنسيجها البلاغي المحكم وتناغم مفرداتها ضمن  هيكلة صلبة لا سبيل إلى فصل إحداها فيها عن الأخرى  ولا يمكن تفكيكها إلا عند تحليل أنساقها قصد  الإمساك بتلابيب المعنى وتشخيص دلالاته.وهذه الأنساق والدلالات  تتمظهر في معمار القصيدة وطبيعة تأثيثها وفي عنصر التواصل بين الذي يوصل لاحقها بسابقها .

و من جهة أخرى يصوغ المصيفي قصائده في عدة موضوعات تلامس وجدان القارئ ،الموضوعات  تصور حالات جمة من غير تنقل أوانفصال فتبدو  كأنها وحدة لغوية ولفظية وموسيقية متماسكة العناصر ضمن قالب شديد التكثيف، كما يمتاز شعره بالدقة والرقة والسهولة .ومن الجدير بالذكر أن المناخ الروحي  هو الذي تنبع منه ثقافة أهم شعراء الهايكو ومعظمهم من الرهبان. أما موضوعاتهم فتدور حول  التفاصيل وحالات الإنسان المتقلبة في الحياة ال اليومية لكن من زاوية  مفارقة تجعل الحالة المألوفة جديدة تماما على مسامع المتلقي .

يقول الشاعر:
في عتمة الظلام
وجه أمي
القمر ص5
فهذا المقطع يتكون من سبع كلمات موزعة على ثلاثة مقاطع ، المقطع الأول” في عتمة الظلام “والمقطع الثاني ” وجه أمي ” والمقطع الثالث “القمر ” وأنا أرى هذا الظلام يحيط بنا من كل مكان  إلى حد أن يتبادر إلى ذهن القارئ أن الشاعر يرسم للعالم   صورة سوداوية. لكن  هذه الصورة لا تعدم  كوة أمل توحي بها  بعض العناصر المشرقة مثل القمر والأم

يقول الشاعر: .
أطفالٌ جياع
يرقصون على إيقاع
بطونهم الخاوية ص103

وفي الختام نذكر بأعمال المصيفي الركابي  النثرية والشعرية وهي:
بين الحقيقة والخيال (خواطر وتأملات) ، نيازك (مجموعة قصصية قصيرة جداً) ، فراشات ملونة (ديوان شعر هايكو) هواجس ثملة ( ديوان شعر) ، أطيار المواسم الأربعة ( شعر هايكو ).
وتجدر الإشارة إلى أن هذا القاص والشاعر كانت له مساهمة في كتاب مشترك صدر مؤخرا بالقاهرة عنوانه قصص عربية قصيرة جدا ً شارك فيه 111كاتبا عربيا،  كما أصدر كتابين أحدهما مع القاصة المغربية  زكية بوجديد ،والآخر  بكتاب الكتروني  مشترك عنوانه ” قصائد هايكو ” نشره نادي الهايكو العربي.
قاسم ماضي – ديترويت

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*