على طللِ الوقتِ وقفْتُ : شعر : محمّد بوحوش – توزر – تونس

محمّد بوحوش

.

أتقنتُ  فنّ  الرّسمِ على الجدرانِ ، بعد عقودٍ،

فرسمتُ  طيفَ  امرأةٍ في  خيالي المثقوبِ:

رسمتُ  رأسا بشَعرٍ  مُرسلٍ ،طويلٍ،

ورسمتُ أربعةَ أعضاءٍ

ثمّ جعلتُ  لامرأتي بطنًا أملسَ،

وسوّيتُ  هيكلَها اللّؤلؤيَّ  بلمساتِ  ألوانٍ  قزحيّةٍ

فصارتْ  امرأةً جميلةً  شقراءَ،

لكنّي  تفطّنتُ إلى أنّها امرأةٌ بلا  قلبٍ 

فمحوتُ  اللّوحةَ  بالفرشاةِ ،

وقلتُ : أرسمُ  وطنًا  أخضرَ  أتنّزهُ  فيه.

على هيئةِ فرسٍ  جموحٍ  جاءتِ  اللّوحةُ

بقوائمَ  طويلةٍ  تشيرُ إلى خطوط  العرضِ

وأخرى  إلى خطوطِ  الطّولِ،

وما  بينها  جعلتُ  سُهولاً وهِضابا وأوْديةً

وأجْريتُ  أنهارًا  تنبعُ  من أعلى الرّأسِ

حتّى  سفحِ  القدمينِ.

رفعتُ اللّوحةَ  ونظرتُ :

كم  جميلٌ  هذا  الوطنُ  الذي  يتراقصُ  في   مُخيّلتي!

وطنٌ  صرتُ  أهذي  به،

وطنٌ  لا  عيبَ  فيه .. لكنْ  تنخرُهُ  اللّصوصُ!

وطنٌ سرعانَ ما  صدأَ ونمتْ له  لحيةٌ كثّةٌ  سوداءُ

وصارَ  عدوّا  يكفّرني

ويطاردُني  بالسيّفِ!.

الحقُّ أن أقولَ: إنّي  ندمتُ  على امرأتي

التي  رسمتُ .

على طللٍ  وقفتُ:

فكّرتُ  مليّا  بالوطنِ العدوِّ

وكفّتنهُ  أو إنّي   كفّنتُ  لوحتَهُ  تلكَ،

ودفنتُها في  مقبرةِ  الشّهداءِ ،

فمِثلي  لا  يَحتملُ   وطنًا  بلا   قلبٍ  

وبلا  رُوحٍ

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*