الرّقصُ حُبّاً : قصّة قصيرة لأميمة إبراهيم – دمشق – سورية

 

11074718_415329895310680_8921383249746428528_n

أميمة إبراهيم – دمشق – سورية

156222572-bande-objet-seychelles-gymnastique-faire-de-la-gymnastique-sportif-amateur

 

اكتسحَتْ ليلي الأوهامُ ، وعربدَتْ فيه ، فاختلَّ نهاري . كان لابدَّ من حلمٍ يتمرّغ ببهائه في منازل الأحلام ، بعد أن تفتّتَ الحزنُ بين أصابعي ، وانسربَ مع خطواتي . وصارت ذاكرتي لوحَ وجود تطالبُني بأن أباشرَ أبجديتَها وأدعَها تنكتبُ قصائدَ أو موسيقا أو رقصَ فراشات.
كنت أعرفُ أنّي إذا التقيتُ به وكان حنانُه عامراً سأنداحُ كقطرةِ ماء ، وإن كان همسُه موسيقا سأصيرُ مُدَرَّجاً موسيقياً ، ولو كان عطّاراً سأفوحُ في أبهاء روحِه و أتعتّقُ . ولو كان خمّاراً سأصير كأساً مُتْرَعَة !.
لكنَّ الخوفَ أن يكون صيّاداً ، وقتها سأطيرُ لأنّي لا أحبُّ الصّيادين.
وحقيقة كنت أرغبُ أن يكون في حياتي عازفٌ ماهرٌ كي أرقصَ له ، وأن يكون سريري غيمةً كي أهطلَ في عمره مطراً ، و أتنقّلَ في فضاءاتهِ ، و أتخزّنَ في عروقه.
وهكذا أسرجْتُ حروفي مُهْرةً تسابق الزّمنَ إليك…وخلفَ ستارة الحلمِ وقفْتُ ، فاستفاقت ألحانُك الغافياتُ في موسيقا لمّا تعزفْها بعدُ.
كنت تحتاجُني أن أرقصَ ، وأُعيدَ ترتيبَ حياتِك وَفقَ إيقاعاتِ الرّقصِ ، وكانت في روحي ألحانُ كمنجاتٍ تصلّي وأوتارٌ ترقصُ حافيةَ القدمين ، تحثُّ الخُطى على وقع نبضِها و إسرائِه إلى سماءِ البهجة ، كي تشدَّكَ إلى حقولِ الفرحِ . لذلك عقدتُ منديلَ الصّبواتِ على خَصْرٍ فاضَ بنشوة الرّوح ورقصت…رقصتّ ! .
أما للرقصِ كلامٌ وأبجديةٌ وبوحٌ يعقبُه طيرانٌ ؟!.
فأيَّ الرّقْصاتِ أُهْديكَ والأنغامُ أسكرَها الحنينُ ، والشّوقُ في الخلايا خفّاقاً يعربدُ ، ومن راعشِ الوترِ يتدفّقُ اللّحنُ ميّاساً بالهوى ، مترنّحاً على لازوردِ القلبِ يرتجي لحنَ أغنياتٍ موّاراً بالشّغفِ .
هي ذي موسيقاك تنهمرُ فتهََبُني عالماً من النّشوةِ و السّموِ ، وقدرةً على التّحليقِ ، تجعلُني أتسوّقُ فرحاً من حوانيت الغيم . أبسُطُ ذراعيّ، أضبطُ أنفاسي ، أبدأُ الرّقص . وما إن يتوافقُ النغمُ مع حُدَاءِ روحِك حتّى أصبحَ خفيفةً كطائرٍ ، و أستسلمَ للانعتاقِ خارجَ حدودِ العالمِ ، وأرتقيَ بجسدي فيصيرَ أداةَ وصلٍ بينَ الأرضِ والسّماء.
أدورُ ، أنحني، أرفعُ رأسي، يتطايرُ شعري، أنقرُ بقدمي فأسمعُ صوتَ ناقوسٍ يَضِجُّ في فضاءِ ريفٍ جميلٍ ، وأشعرُ أنّ جسدي ما عاد ملكاً لي . مع كلِّ خطوةٍ يخرجُ من إساره ، ويحطّمُ قيودَه ويرتقي إلى أمكنةٍ أشدَّ لهفةً ، ويعانقُ الأقمارَ في مجرّاتِ الكونِ ، ثمَّ يعودُ ويغتسلُ بالفرحِ ، يستعيدُ الحبَّ رشفاتٍ من رحيقٍ وكوثرٌ.
كم صلّى جسدي وهو يرقصُ للحرّيةِ … للإله المتجسّدِ في الرّوحِ ، الذي يجعلُ بوّاباتِ الجمال تتوقّدُ بالشّهوةِ ، وتهطلُ أناشيدَ جنون !.
الجنونُ يعلّمنا لغةَ الحياةِ ، وهمهماتِ الطّبيعةِ ، وهمساتِ الموجِ !. لذلك نتوقُ إليه ونحتاجُه.
أرأيتَ رقصي في دنياك مع بوحِ الكمنجاتِ كيف حوّلني إلى مجنونةٍ ؟!. حتى إنّي صرتُ أغارُ من جسدي لأنّ عينيك تمسحان بحنوِّ النَّظرةِ ، وجمرِ الرّغبةِ تضاريسَه.
لكنّي أيقنْتُ أنّي سأبقى أفتشُ دوماً عن مفرداتٍ ساحراتٍ ، يرقصن إذا ما عزفتَ ، ويشتعلنَ إذا بردتَ ، وإن كانَ…

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*