التواءٌ في الحياةِ : فيليب كوريك – شاعر فرنسيّ

14446027_10210316696098607_1814827495435619459_n

فيليب كوريك

voyance-pour-tester-la-fidelite-700x450

 

 

هلْ يمكنُ أن يحبَّ المرءُ شخصينِ في وقتٍ واحدٍ؟

ثمّةَ  من يجيبُ بالنّفيِ وهناكَ مَنْ يجيبُ  بالإيجابِ

لكن ليس بالطّريقةِ نفسِها وليسَ في وقتٍ واحدٍ

ماذا تفعلُ أولئكَ النّساءُ إذنْ مع عشّاقهنَّ ؟

ماذا تفعلُ أولائكَ العشيقاتُ مع أزواجهنَّ

حين يخنَّ من يقاسمنَهُ الفراشَ في كلِّ لحظةٍ ؟

إنّها علاقةٌ من نوعٍ خاصٍّ

هذه هي الصّفةُ التي تنطبقُ تمامًا على الخيانةِ الزّوجيّةِ

كما توصفُ أيضًا بأنّها لحظةُ وقوعٍ في الغوايةِ

لكنْ ثمّةَ منْ يراها عمليّةً متعمِّدةً تمامًا

ثمّ أتُرتكبُ الخيانةُ للانتقامِ

أم لمجرّدِ التّغييرِ ؟

وهذا الانتهاكُ للعقدِ المبرمِ بينَ الطّرفينِ

قد يتسبّبُ في  حرجٍ للطّرفِ الآخرِ

بل يمكنُ أن يهدمَ العلاقةَ

وعشَّ الزّوجيّةِ والعائلةَ

لمجرّدِ نزوةٍ عابرةٍ

فهل ينبغي إذا حلّتْ تلكَ النّزوةُ  الصّمودُ أمامَها؟

أم هل يمكنُ الانسياقُ وراءَها والاستخفافُ بكلِّ موانعِها؟

كلُّ شخصٍ يقدّرُ حسنَ اختيارِهِ حسب قناعتِهِ

فإمّا الإيمانُ بما بنى

وإمّا الهدمُ لإعادةِ البناءِ

وخوضِ تجربةٍ جديدةٍ

في هذا الميدانِ لا عمومياتِ البتّةَ

فكلُّ قصّةٍ فريدةٌ تمامًا

ولا تكّهناتٍ نظريّةً

لأنّ القدرَ رسمَ رسمَهُ

وما عليكَ إلاّ أن تتّبعَهُ

حتّى تستمرَّ في العيشِ

أو لتسعى إلى  البقاءِ

وأنتَ إمّا متمتّعٌ بمداركِكَ العقليّةِ

و إمّا غائبٌ عن الوعيِ

فعليكَ إذن أن تختارَ

بين أن تنصاع َلأحكامِ العقلِ

وأن تنساقَ وراءَ هواكَ

فلنخترْ إذنْ:

إمّا أنا وإمّا أنتِ

 

تعليق : محمّد صالح بن عمر

 

يستمدّ صاحب هذه القصيدة موضوعاته ،مثلما عودّنا به في جلّ قصائده السّابقة من حياة النّاس اليوميّة ، مع الحرص على الصّدور فيها عن خلفيّة إنسانية أو فلسفيّة .وهو ما نلاحظه في هذا النصّ الجديد الذي يتناول فيه العلاقة الموغلة في الإشكال بين الرّجل والمرأة ،تلك العلاقة التي تحافظ على جل أسرارها من بدء الخليقة إلى اليوم ،على الرّغم من التّقدّم الحاصل في جميع فروع المعرفة .ومردّ هذا الإشكال إلى عدّة عوامل لعلّ أهمّها المصادفة ، يضاف إلى ذلك أنّ كلاّ من الطّرفين بمنزلة عالَم قائم الذّات، له  ماضيه الخاصّ منذ فترة ما قبل الولادة وله استعداداته الفطريّة ،البدنيّة منها والنّفسيّة ، فضلا عن التّربية التي تلقاها والتّجربة التي خاضها قبل أن يلتقي بالطّرف الآخر.وهذا ما يجعل  عثور رجل أو امرأة  على الشّخص الذي  يناسبه تماما من باب حسن الحظ ليس غير.

هذه المقدّمة الطّويلة ضرورية لبيان مدى ما يواجهه الرّجل والمرأة اللّذان يرتبطان بعلاقة حبّ أو زواج من عوائق كأداء  ومدى الجهد الذي يتعيّن عليهما بذله لتذليلها حتّى ينعما بعلاقة قائمة على الوفاء .وذلك لأنّه يمكن أن ينجم عن أحد تلك العوامل الكثيرة التي أشرنا إليها خلاف أو سوء تفاهم  من شأنه أن يزعزع العلاقة التي تربط بينهما  برمتها .

أسلوبيّا استثمر الشّاعر إلى أقصى حدّ ممكن الطّبيعة اللّزجة القلقة المتردّدة التي تسم علاقة المرأة بالرّجل نتيجة لما هي عرضة له من تقلبات وكذلك تداخل العوامل التي يمكن أن تدفع الطّرفين كليهما أو أحدهما إمّا إلى  التّحلّي بالوفاء  وإمّا إلى قطع العلاقة أو الخيانة.فقدّم للقارئ موضوعا حيّا شائقا يحمل على التّفكير والنّقاش.

 وهناك عنصر ثان أسهم في إضفاء مسحة  جماليّة على هذا النّصّ هو الانتقال الفجئيّ في البيت الأخير من العامّ ( العلاقة بين المرأة والرّجل  عامّة ) إلى الأخصّ ( العلاقة التي تربط المتكلّم بالمرأة التي هو مقترن بها) .

 

ومثلما عودّنا عليه الشّاعر أيضا أجاد هنا  في تصميم بنية  النّصّ الإيقاعيّة بلزوم القافية من أول القصيدة إلى نهايتها ( وهذا لا يظهر طبعا في النّصّ العربيّ  )،على الرّغم من أنّه  غير ضروريّ في الشّعر المنثور.وهو ما  يكشف مرّة أخرى عن  الحساسية الموسيقيّة  المرهفة التي يتمتّع بها.

 

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*