المشهد الأخير من فيلم “سنة أخرى مضت” : ريتا الحكيم – اللاّذقية – سورية

ريتا الحكيم


من فراغِ الذَّاكرةِ يسيلُ لعابُ الوقتِ
يرتجلُ خسائري
يختطفُها من ديسمبر
ليحشوَ بها جيوبَ جينيوري
وأنا بكلِّ بساطةٍ.. صامتةٌ كدميةٍ متحرِّكةٍ
على مسرحهِ
ربَّما أضعتُ مفاتيح الفضائلِ
ووطئتُ أرضَ الخطايا في غفلةٍ من خيوطِ القدرِ
العابث بمصيريَ المجهولِ

لم أعد تلك المرأة الواقفة على بوابةِ العمرِ
ولا تلك المرأة الجاثية على عتباتِ الماضي
تحرَّرتُ من كلِّ هذا..
أرى الآن في مرآتي وجهًا
مليئًا ببثورِ عامٍ قادمٍ
أبدو أكثر بشاعةً وأنا أحملُ أوزارًا ليست من صلبي

مَن يوقفُ هذا الهدير في رأسي؟
الزَّعيقُ لا يكفُّ عنِ الزَّحفِ
على وسائدي وملاءاتي
أنا ريشةً نزحت عن جناحِ طائرٍ مهاجرٍ
لتستقرَّ في متاهاتِ الأعوامِ

رجالٌ يبكون عشرةَ أحزانٍ مضت
نساءٌ تندبن أمنياتٍ هزيلاتٍ
أطفالٌ يكبرون وهم يحتضنونَ ألعابًا لم يقتنوها
من قبل
بلادٌ مُنهَكةٌ تُحني قامتَها مُكرَهةً
تقدِّمَ فروضَ الطَّاعةِ لعامٍ جديدٍ
شتاءٌ عصيٌّ يأبى المجيءَ ضيفًا على حرائقِنا

على جدران الحياة..
مخطوطاتٌ لسجناءَ غابوا عن ذاكرةِ الحرِّيةِ
في الخماراتِ الرَّخيصةِ..
أشلاءُ أحلامٍ يبيعونها في أقداحِ القهرِ
كلُّ هذا الخراب
وهذا التَّجاهل
وهذه اللامبالاة
دوَّنتُها في رسالةٍ إلى الله
لكنَّه لم يقرأها
كتلك التي لم تصلهُ في عامِ موتٍ مضى.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*