ملمٌّ بي : شعر: رياض الشّرايطي – قفصة – تونس

رياض الشّرايطي

ملمٌّ بتضاريسِ حكايا الغيابِ في جهةِ انفلاتِ البكاءِ
ملمٌّ ببعثرتي فوقَ طاولتي و في البلادِ
ملمٌّ بمحطّةٍ تنتظرُني منذُ أمدٍ و لم أحلَّ بعدُ
ملمٌّ بعصافيرِ شجرِ الشّارعِ العاقرِ و بائعيِّ الوردِ
ملمٌّ بساعةٍ دقّاتُها كمساميرَ في الصّدرِ
ملمٌّ بعَطَلِ يساري ، بخواءِ داري ، بخفوت أنواري
ملمٌّ بي ،،
أواجهُ في خرقةِ جسدي المرميِّ حيثُ لا أريدُ
زهرَ مدفنِ أحبّةٍ فاتوا
و أقفالَ أبوابٍ استقالتْ عن ديارِها
و باتتْ تزاحمُ ظلمة غُرَفِ القلبِ
تنازعُ امتلائي بأغوارِ ترابٍ عقيمٍ
الجريدةُ اليومَ كما الأمسِ تعلنُ الخرابَ
كلامٌ كثيرٌ ،، فراغُ ،،
و وحدَهُ الدّائمُ في طرزِ متاهةٍ تأويهِ وحدَهُ
يعرفُ جيّدًا من أينَ ابتدأَ وأينَ سنضيعُ
يعرفُ مذاقَ موسيقى نشيدِ بلادٍ ، دونَ بلادٍ
يعرفَ جيشًا لحراسةِ الكلابِ
يعرفُ تخمةَ قصورِ الأسيادِ
يعرفُ و يعرفُ و يعرفُ كيفَ يمكنُ للحجرِ أن يُبادَ
و لقهرِ الحديدِ أن يُذابَ
يعرفُ ، و لكنّ بالقوائمِ ثلجًا و سلاسلَ على اللّسانِ ،،
فيا صوتي، مُدَّ لي من مناديلِ بدويّاتِ بلادي صوتي
من ريشِ قُبّراتِ جنوبي حرارةَ دمي
من كراريسِ أطفالِ المدارسِ عذريّةَ خَطّي
و من حضنِ أمّي انطلاقي
يا صوتي ، يا مطمورًا تحتَ أنقاضِ شحوبِ أنفاسي
وأنفاسي لم تعدْ لي منذ هَجَرَها خمرُ الحرفِ و الحبيبُ
يا صوتي مفعمٌ أنا بذكراكَ
أنسيتَ كيف كنتَ تُشعلُ مجامرَ اللّيلِ فيشمسَ ؟
كيف ترحلُ في شذى عرقِ أزقّةِ الفقرِ فيرقصَ ؟
كيف تخطُّ على جدرانِ المدينةِ أغنياتِكَ فتنهضَ ؟
أنسيتَ ؟
الآنَ جاءتني من وراءِ رمشي أنثى تستقيمُ في نظري
تمنحُني عينًا أخرى تشاهدُني أنحتُ وجْهَا آخر لي
مسكوبًا في جوفِ لهبِ الصّراخِ وَ الآخرَ النّابتَ فيَّ ،….

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*