شبح ككذبة، وعزلة رائقة: من يوميّات الحجر الصحّيّ :محمّد بوحوش – توزر – تونس

محمّد بوحوش

في رأسي بئر ارتوازيّة: بئر من الوعي بأنّ الرّأسماليّة المتوحّشة تزرع الموت، وتدبّر إفناء العالم عبر صناعة الكورونا. الرّأسماليّة المتوحّشة صارت أشدّ فتكا وهي تصنع شعوبا على مقاسها حيث تُعمّم القيم الواحدة، وأنماط الاستهلاك المعولمة. فهي تجمع المال لتعطي الفتات لشعوبها وشعوبنا.

العالم بحاجة إلى ثورة وعي على النّمط السّائد. العالم الزَّهرة يهلك. هذا ما يتبادر إلى ذهن شاعر مثلي، وهو في عزلته القسريّة جرّاء ما يحدث من انتشار الكورونا.

الشّاعر شجاع وهو يواجه الموت المحتمل، وهو في ركن مّا من هذا الكون الحالك السّواد، يقشّر تفّاحة العدم، ويقول ذاته في لوعة أحيانا، أو هو يتشمّس في وعيه حينا آخر، فيرى ما لا يراه الآخرون. يرى موتا في زيّ  شبح  مارد، قادم إليه. الشّاعر شجاع، ويريد عدوّا مرئيّا ليقارعه بالسّيف وينتصر عليه. لكنّ الموت اليوم صار بلون آخر: موتا داخليّا حيث يمكث عدوّ في الجسد فيفتّته، وينفجر انفجارا ذاتيّا.

الشّاعر هذا يتذكّر ما كان يسمّى لدى بعض القبائل البدائيّة سابقا بالاندثار الذّاتيّ. يتذكّر كيف يموت الفرد حين تخرجه القبيلة من إسارها وتلفظه، حين يُعزل    ويُجرّد من علاقاته، فينهار تماما عبر الانتحار الّذي يسمّى ب”التّدمير الذّاتيّ”،  حين لم يعد يصبح للفرد معنى لوجوده وعلاقاته. العدوّ الدّاخليّ إذن أشدّ فتكا وهولا وإيلاما. أمّا العدوّ الخارجيّ فيمكن الانتصار عليه بشجاعة الرّجل المقدام، بما يتاح  له من طاقة وقوّة.

ها إنّ  العالم أمام  شبح  لامرئيّ يحاول الفتك بالبشر.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*