حَمامَة : شعر : علي كرامتي – قرطاج الياسمينة – تونس

علي كرامتي

 

ذَاتَ صَيْفٍ كُنْتُ فِي الشُّرْفَةِ وَحْدِي
أَسْتَدِرُّ الظِّلَّ عِنْدَ الْهَاجِرَهْ
مُغْمَضَ الْعَيْنَيْنِ أَصْطَادُ السَّكِينَهْ
بِخَيَالٍ شَرَدَتْ فِيهِ خُيُولُ الأُمْنيَاتِ
خَلْفَ وَهْمٍ مُقْمِرٍ يُـطْعِمُنِي فَاكِهَةَ النِّسْيَانِ ..
يَسْقِينِي نَبِيذَ الأَمَلِ
جَالِسًا وَحْدِي إِلَى مَأْدُبَةِ الْبَالِ الثَّمِلْ
أَتَهَجَّى غَايَةً لَمْ أَلْقَهَا لَمْ أَرَهَا
فِي عُيُونِ الْعَابِرِينْ
فِي رَحِيقِ الزَّنْبَقِ الْبَرِّيِّ فِي الْوَرْدِ الْحَزِينْ
فِي ابْتِسَامِ الْـمَـاءِ فِي قَهْقَهَةِ الرَّعْدِ وَ فِي دَمْعِ الْمَطَرْ
فِي فِرَاءِ النُّورِ فِي سِفْر الْخُرُوجِ
أَتَهَجَّى لُغَةً أُخْرَى لِهَذَا الْعُمُرِ الْهَشِّ الْـمَرِيرْ
عَلَّنِي فِي سُكَّرِ الْأَحْرُفِ قَدْ أَشْفِي نَهَارِي
وَ أُعِيدُ الْأَمْسَ أَوْ أَسْتَبِقُ الْوَقْتَ لِآت ٍأَشْتَهِيهِ
أَسْأَلُ الرَّحْمَنَ عَنْ أَيُّوبَ وَ عَنْ كُلِّ الرُّسُلْ
فَقِبَابُ الرُّوحِ قَدْ صَارَتْ قِفَارَا
لَا حَمَامٌ لَا شُمُوعٌ لَا قُبَلْ
وَ إِذَا صَوْتُ حَفِيفٍ
مِثْلَ زَخِّ الرِّيحِ يَنْهَالُ عَلَيَّ
يَرْتَـمِـي فِي مَسْمَعِي، يَقْلَعُنِـي مِنْ وِحْدَتِي
حِيــنَـمَـا حَطَّ عَلَى نَافِذَتِي طَيْرُ حَمَامٍ
يَلْبَسُ الْبَحْرَ وِشَاحًا
وَ يَـمُورُ اللَّيْلُ فِي عَيْنَيْهِ مِنْ غَيْرِ غُيُومْ
وَ خَطَا فِي الْبَيْتِ لَا يَلْوِي عَلَى نُورٍ وَ غَرَّدْ
وَ رَمَى فِي الْقَلْبِ بَاقَاتِ انْدِهَاشٍ وَ حَيْرَهْ
قُمْتُ، حَاوَلْتُ احْتِضَانَ الْـمَاءِ فِي مَوْجَةِ رِيشِهْ
فَارْتَـمَى كَالرِّيحِ فِي حِضْنِ الْفَضَاءْ
وَ تَوَارَى فِي الْأُفُقْ
تَارِكًا لِي قَطَرَاتٍ مِنْ دِمَاءْ
رَسَمَتْ شَكْلَ الْوَطَنْ

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*