طفولةٌ تفي للذّاتِ حقَّها : شعر ّ: عبّاس ثائر- الرّفاعي – ذي قار – بغداد

عبّاس ثائر

 

أنا منزعجٌ يا حبيبتي
أصدقائي المعتّقونَ في السّهرِ والنّساءِ
صاروا ينامونَ مبكّلّفونَ بالخمرِ للقصيدةِ
صاروا ينامونَ مبكّرًاراً
أصدقائي الذين يتز
الجنديُّ الذي استلفتُ منه – ذاتَ مرّةٍ-
ثمنَ الوصولِ إلى البيتِ، البارحةَ أخبرتُهُ:
أنّي سأفي ما بذمّتي إلاّ أنّهُ صارَ ينامُ مبكّرًا
فنسيَ دَينَهُ!
كلُّ الذين يجيدونَ السّهرَ والشّعرَ والغزلَ،
وخلْعَ الثّيابِ وفعلَ أشياءَ أخرى
صاروا ينامونَ مبكّرًا.
الشّارعُ الذي كنّا نشغلُ رأسَهُ كثيرًا،
نزعجُهُ بضِحكاتِنا السّاخرةِ،
نخنقُهُ ِبالدّخانِ ،
وأحياناً نلقي عليه مسؤوليةَ
حفظِ عُلبِ ممزّقةٍ
أذكرُ صورةً: ارتد السّجائرِ وإخفائِها؛  
لئلاَّ يفضحَ الآباءُ أمرَنا
قبلَ أيّامٍ من الآنَ
سقطَ َرأسُهُ بعبوةٍ صديقةٍ!
فتناثرتِ الذّكرياتُ والصّورُ
على هيئةِ إناثٍي فيها بِنطالًا عريضًا
يفيضُ من الصّورةِ!
وقميصًا أسودَ اللّونِ ،
كثيرًا ما يُشبهُ هذه الحياةَ،
وأضعُ شارباً
لا تتجاوزُ شعراتُهُ أصابعَ اليدِ الواحدةِ؛
لا أفقهُ معنى أن تكونَ صغيرًا
وتحاولَ تسلّقَ شجرةِ العمرِ
لتكبرَ بأقصى سرعةٍ ممكنةٍ
ربّما،
الموقفُ الكبيرُ في الطّفولةِ
يمنحُكَ قدمَ ثباتٍ
لتحقيقِ الذّاتِ فيما بعدُ!
ما يهمّني الآنَ،
الشّارعُ هذا، صارَ مثلَهم ينامُ مبكّرًا
لا عليكِ،
ليسَ مهمًّا إذا نامَ الجميعُ
المهمُّ، من يخلدُ في الحياةِ مبكّرًا.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*