رحلتي الى ألمانيا 2017(13):الهويّة الألمانيّة هي مفتاح تاريخ هذه البلاد و شعبها : محمّد صالح بن عمر


أختتم هذه السلسلة من المقالات عن زيارتي الأخيرة لألمانيا بالتّوقّف على نحو خاطف عند الهويّة الألمانيّة التي هي مفتاح تاريخ هذه البلاد القديم والحديث وتاريخ شعبها .هذه الهويّة تتأسّس على أربعة مقوّمات رئيسة :الأوّل هو الاعتزازُ بالانتماء إلى العِرق الجرمانيّ الذي يستمدّ منه الألمان ، في نظرهم، القوّة والذّكاء والثّاني عشقُ الأرض التي يعدّونها أُمّهم المقدّسة والتي من واجبهم تحقيق الازدهار لها إلى أقصى حدّ ممكن والثّالث التّعلّق باللّغة الألمانيّة باعتبارها الحاضنة لتراثهم ونشاطهم العاطفيّ والفكريّ ،لذلك لا يستعملون سواها حتّى إن كانوا يحذقون لغات أخرى وعلى الرّغم من أنّ اللّغة الثّانية رسميّا هي اللّغة الانجليزيّة والرّابع الدّين المسيحيّ.وفي ما يخصّ هذه النّقطة التي أَعرضُ لها لأوّل مرّة ، من الواضح أنّ الألمان لم يتأثّروا كثيرا بالثّورة الفرنسيّة التي دعت إلى اعتماد اللاّئكية والفصل بين الدّين والدّولة لأنّ معظمهم الأغلب متدّينون .ففي يوم الأحد مثلا تقفر المدن أو تكاد من سكّانها لأنّ جلّهم يكونون وقتئذ في الكنائس.وهذا ما يفسّر أنّ الحزب الأكثر شعبيّة عندهم هو الاتّحاد المسيحيّ الدّيمقراطيّ الذي تأسّس سنة 1945 والذي يدعو إلى اتّباع طريق ثالثة بين الرّأسماليّة والاشتراكيّة تُستوحى من المسيحيّة .وهو الحزب الذي تقوده حاليا أنجيلا ماركل التي يعدّها بعضهم أقوى امرأة في العالم اليوم .أمّا الثّقافة الألمانيّة فهي فلسفيّة في المقام الأوّل .فلم يتحقّق الانتشار العالميّ إلاّ لشاعرين أصيلي هذا البلد هما قوته وشيلر .وهناك شعراء وروائيّون كتبوا بالألمانيّة ونالوا شهرة مماثلة مثل التّشيكيّ فرانز كافكا والسويسري طوماس مان إلاّ أنّهم من غير هذا البلد.
وختاما فمهما كان موقفكم من الهويّة الألمانيّة ومن رؤية أهلها لذواتهم وللآخر والعالم فلا أحد منكم يمكنهم أن ينكر أنّ الأمّة الألمانيّة هي اليوم من أكثر الأمم تقدّما في العالم.
(انتهى)

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*