رحلتي إلى ألمانيا(8): في متحف الفيلسوف العظيم هيقل بفرانكفورت

هيقل (1770 – 1831) هو من الفلاسفة الذين أسهموا إسهاما بعيد المدى في تقدّم الفكر المعاصر.فقد دفعته روحه النّقديّة العالية إلى تبنّي مُثُل الثّورة الفرنسيّة من جهة مع رفض جوّ الرّعب الذي بثّته وقيم الدّين المسيحيّ من جهة أخرى مقابل استبعاد ما يتّسم به من دغمائيّة وتحجّر.وهذا ما يحلُّ فكرَهُ في صلب التّيّار اللّيبراليّ .
ولتعلّق هيقل التّامّ بالحرّيّة ورفضه القاطع للعنف ظلّ ولا يزال رمزا من رموز المثاليّة بعد أفلاطونPlaton وديكارتDescartes وكانتKant .هو ما يتجلّى في دعوته إلى المثاليّة المطلقة على أساس أنّ”العقل هو كلّ شيء وأنّ كلّ شيء عقل”.وهذا ما يقتضي كون المفاهيم المجرّدة سابقة للمادّة .
وهذه الفكرة هي التي انطلق منها كارل ماركس في نقده للجدليّة الهيقيليّة بقلبِها رأسا على عقب وإحلال محلّها جدليّة مضادّة لها سمّاها الجدليّة الماديّة وعدَّ فيها البنى الفوقيّة كل ما هو مجرّد( الايدولوجيا ،السّياسة الحقوق،التّعليم ،الثّقافة ،الدّين …) انعكاسات للبنى التّحتيّة ( كلّ ما هو مادّيّ ( مثل وسائل الإنتاج وما إليها).
على أنّه مهما كانت صحّة هذا النّقد فإنّ الفكر الهيقليّ يبقى مرحلة بالغة الأهميّة في مسيرة الفلسفة المعاصرة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*