هــطلُ الرّوحِ: زهور العربي – تونس

زهور العربي

 

في البدءِ كانتْ  صرخةُ الميلادِ

زغردتِ الدّايةُ  الموشّحةُ بالسّوادِ

صلبتني بلا ذنبٍ

ثمّ رمتْ بي في هوٍّ موجوعةَ الوتِد

محضَ “لحمةٍ حيّةٍ” كنتُ…

و نبضًا مرتبكًا متلعثمَ الأنفاسِ

لم تقبّلْني الدّايةُ الموشّحةُ بالسّوادِ

كانتِ الضّرباتُ الموجعاتُ أوّلَ درسٍ  تعلّمتُهُ

اليدُ الغليظةُ حفرتْ أولى اللّعناتِ على جسدي الطّريِّ

والصّرخاتُ المتتالياتُ  كانتْ أبجديّةَ قصيدتي البكرِ

في البدءِ كانتِ الصّرخةُ، والصَّلبُ ،والضّرباتُ والصّرخاتُ

لا نخلةٌ  جادتْ  برطبٍ  جنيٍّ

ولا وادٌ فاضَ بماءٍ رقراقٍ يعمُّد

برعمًا فتيًّا

هكذا كانَ ميلادُكَ ميلادي يا صنوي

فأيُّ  اللغّاتِ تختزلُ هذا الوجوَد الهيولانيَّ ؟

ونحنُ خارجَ الحرفِ نطوفً

مارقانِ عن القواعدِ والعرفِ ؟

أنحنُ حقًّا  بدأْنا  ؟

أم كنّا قبلَ البدِء “نسيًا منسيُّا”

أكنّا قبلَ الكلمةِ ؟

أم قبلَ الخطوةِ الأولى

قد نكونُ  تنزّلنا  في اللّوحِ المحفوظِ؟

قد نكونُ رموزًا  سومريّةً ضاربةَ الغموضِ

من أينَ جئنا يا صنوي؟

كيفَ تعالقْنا  وأنا السّنيّةُ بنتُ السّماءِ !

وأنتَ حرفٌ  ينسابُ  دفّاقًا يناغي رميمَ الأوّلينَ

فتحبلُ الأرضُ العصومُ

وتخضلُّ تلالُ السّنينَ

يا شقيقَ الحرفِ المسافرِ أٍجبني

هل  وشّمتْنا  الشّجرةُ المحرّمةُ  بالخطيئةِ؟

ألم نمشِ خطواتِ النّدمِ  قمّةَ  موسى؟

ألم نغتسلْ في الوادي المقدّسِ ونتلبّسْ بأطيافِ المرسلينَ؟

أوّاهُ يا صاحبي خلّصني

راقصني …راقصني

دُرْ…دُر ….دُرْ معي حتّى نخفَّ ونرتقي

لكلِّ الكائناتِ  يقينٌ بوهمِ البداياتِ

ونحنُ خارجَ الأكوانِ عِشْرِقةٌ

لا يحدُّها حدٌّ

ولا يضاهيها مدٌّ

لا ترافعُ، ولا تساندُ ، ولا خبرٌ  محكومٌ  بمبتدإٍ

فلولا الجنونُ ما انْزرعنا في المجازِ

ولا مددتُ ضفيرتي جسرًا للعارجينَ

تجلَّ  سيّدَ الطّهرِ يا صنوي السّنٍيَّ

لأنبعثَ في هيكلِ الشّعرِ

قدّيسةً عذراءَ

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*