بورتريه: ريتا الحكيم : اللاّذقيّة – سورية

ريتا الحكيم

 

يجبُ أنْ أركنَ سيَّارتي على إطارِ اللوحةِ

التي أرسمُها

قبلَ أنْ يلوحَ طيفُكَ مُحاوِلاً عبورَ جسرِ التَّنهداتِ

القريبِ منْ ميدانِ بلازا دي سان ماركو

هو نفسهُ الجسرُ الذي تحدَّثَ عنهُ اللّوردُ بيرونُ 

في أسفارِ شيلد هارولدز

رسمتُهُ البارحةَ، في غفلةٍ مِنْ شُرطيِّ السَّيرِ

كي لا يكمنَ لكَ كلَّما لمحكَ راجِلاً

هو لا يُحِبُّ المُشاةَ أبداً

يُفضِّلُ سائقي السَّياراتِ بنظّاراتِهم السَّوداءِ

قايضْهُ على ربطةِ عنقهِ بحذائكَ الجديدِ

ليسمحَ لكَ بالعبورِ إليّ حافياً

دونَ انْ يقتادَكَ

إلى أقبيةِ السّجنِ القديمِ المُتاخِمِ

لقصرِ البُندقيّة

لكنْ لا تنسَ أنْ تجلبَ معكَ علبةَ ألوانٍ زيتيّةٍ

فقدْ فرغتُ للتَّو منْ رسمِ بورتريه لكَ

بالأبيضِ والأسودِ

لا أؤمنُ بلونينِ يحدِّدانِ ملامحَكَ

لذلكَ عليكَ بالإسراعِ

حتّى لو اضطُرِرْتَ أنْ تنسفَ الجسرَ 

بقبلاتكَ وأشواقكَ

لا بأسَ أنْ تتبلّلَ بعدَ ذلكَ بِريقِ اللّحظةِ القادمةِ

أو أنْ تُجفِّفَ الطَّريقَ 

بحديثٍ دارَ بيننا ذاتَ عناقٍ

الفراشُ باردٌ

والجِسرُ آيلٌ إلى السُّقوطِ

الشُّرطي يتدلَّى منْ ربطةِ العنقِ السَّوداءِ تلكَ

وأنتَ حافٍ تدقُّ على صدرِ نعشي

تذرفُ اللّوحةُ دموعيَ السَّوداءَ

بعدَ أنْ فقدتِ الأملَ بكلِّ الألوانِ الصَّارخَةِ

التي مِنَ المُؤَكَّدِ أنَّكَ نسيتَها

في المقعدِ الخلفيِّ للسَّيارةِ المركونةِ على إطارِ اللّوحةِ

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*