عطرُ الغيمةِ : سعود آل سمرة – الطّائف – السّعوديّة

سعود آل سمرة

 

للغيمةِ البرونزيّةِ السّاحرةِ 

لا تبتعدي الآنَ 

قبلَ أن نرقصَ معاً 

انهمري ديمةً 

صبّي مطرًاً

غدقاً 

هبّي عاصفةً ثلجيّةً

ودَعِينا نمحو احتمالاتِ اللّبسِ في قصّتِنا ..

 

لا تصغِ لترّهاتِ القمرِ العجوزِ 

فمتى كانَ عاقلاً لنتلقّى منه الحكمةَ؟

ألم يستمرئِ الظّهورَ عارياً؟! 

دون أن يرفَّ له رمشٌ 

أو يمتقعَ لونُهُ بوجههِ الدّائريِّ 

حتّى الزّمنُ لم يسفعْ خدَّهُ الفضّيَّ أبداً 

كان مجاهراً بالظّهورِ السّاطعِ 

هكذا ببساطةٍ

يتعثّرُ كطفلٍ بين غيابٍ وإيابٍ 

دون أن يتذكّرَ أحبّاءَ له في تلويحةٍ للوداعِ !!.. 

 

إنّ تأمّلَ طيفِكَ المتألّقِ 

يفقدُني معنى التّوازنِ 

ويبدّدُ سرَّ التّماسكِ العجيبِ

للذّرّاتِ في جسدي 

فأتحوّلُ فجأةً إلى نيترونٍ ممغنطٍ 

ليس له قطبٌ

إلاّ أنتِ..

 

أيتّها الغيمةُ الماكرةُ

يفزعُني التّوقّفُ المحايدُ 

خارجَ صندوقِ الأرواحِ البلّوريِّ 

بعيداً عنكِ 

وعن حساباتِ الزّمنِ الاعتباطيّةِ  

أبدو في هذا الموقفِ 

كفزّورةٍ رياضيّةٍ معقّدةٍ 

من رموزٍ وأرقامٍ وكلماتٍ حائرةٍ 

في معادلةٍ ذهنيّةٍ، تستجدي الحلَّ..

 

وبعد أن تغشى حلمي الرّقيقَ 

رهبةُ الصّمتِ 

ويكسرَ الفزعُ لديَّ عفويّةَ المشهدِ

تفارقني حلاوةُ الألوانِ النّاصعةِ 

لأنبثقَ جائعاً بلا مأوى 

بلونينِ أبيضَ وأسودَ 

إلى أن أمتزجَ باكراً

برائحةِ المطرِ 

عطرُكِ النّفليُّ المتخيّلُ في ذاكرتي..

 

عندما أنتبهُ من وهمِ الحلمِ

سأفتّشُ عن معنًى للحبِّ

يغفو كجنينٍ لزجٍ في رحمِ كلمةٍ ما 

ربّما اقترفتْهُ الحقيقةُ يوماً..

 

ولأتذوّقَ فاكهةَ الخيالِ

سألهو باستعاراتٍ متوجّسةٍ

مع حبيبةٍ من نورٍ 

بعيونٍ ماسيةٍ 

وظفائرَ من ماءٍ 

ملقّناً إيّاها قبلَ الحكمةِ

على إيقاعاتِ اليأسِ 

بمغازلاتٍ بريئةٍ وهامسةٍ 

وتموّجاتٍ من حريرٍ..

 

يصدفُ أن يمرَّ الطّريقُ المتعرّجُ إلى الحكمةِ، بشاهدٍ تذكاريٍّ مفترضٍ، لقبرِ فيلسوفٍ عجوزٍ 

نسيَهُ التّاريخُ مصلوباً على قوسٍ لمدينةٍ منهوبةٍ، 

نسيتْ هي الأخرى. 

قضّى دهراً في تفنيدِ نظريّاتِ الطّبيعةِ الملتبسةِ،  

آخذاً بعينِ الاعتبارِ معنى الجزءِ من الثّانيةِ الأخيرةِ

والأشهرِ، من قصّةِ الرّتقِ القديمِ للحضارةِ.

 

حينَ أجدُ نفسي مفجوعاً بوقوفي هناكَ فجأةً، سأضعُ إكليلاً من الزّهورِ بالقربِ وسأختفي إلى الأبدِ..

 

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*