ظـلالُ الضّوءِ:شعر : محمّد عمّار شعابنيّة – المتلوّي – تونس

محمّد عمّار شعابنيّة

 

 

 “1”

لمْ أُدِرْ وجهي إلى خلفٍ   

ولم أنتظرْ ورائي

خوْفَ أنْ أوقظَ ليلاً راقدًا من نوْمِهِ

أو أزيحَ الدّفْءَ عن قطٍّ صغيرٍ

سابحِ في حُلـْمهِ

فأنا لي حاضرٌ يجري      

ولي آتٍ أمامي

لي مواعيدُ  لبَوْحِ الحرفِ…  

لي ما لا تراهُ الشّمسُ إذْ تَطرُقُ عندَ الصّبحِ بابي

لي هدوئي واضطرابي

لي سؤالُ الأفُقِ الممتدِّ ..

لي لـُغْزُ الفضاءِ الرّحبِ.. 

لي عيْنٌ ترى الصّورةَ إذْ يحجبُها طقسُ ضبابي

لي سكوتي عندما يهجرُني صوْتي  

ولي صوْتي إذا أجهشَ يبكي

أو يغنّي

لي مناخُ الرّوحِ..

لي قافيةٌ في صدْرِ بيْتِ الشِّعرِ

فليَسْلَمْ رَوِيٌّ واقفٌ في بَدْءِ بيْتي

لي امتدادُ الوقتِ في صمْتٍ    ولي تاءُ التّمنّي

لي انفعالاتُ الأنا والنّحْنُ والأنتمْ 

ولي فَنُّ الجنونِ

وليَ اللاّ شيْءُ…  

والشّيْءُ الذي يحملُ أكياسًا ثِقالاً من شجوني

 

  “2”

لي ـ إذنْ “×” ـ ما هوّ لي

ولكم إنْ تنْفُضوا منّي أياديَكمْ

وأنْ لا تسألوا عنّي..

وأنْ لا تسألوني

عن خفايا زمنٍ يحتضرُ

ومكانٍ كلّما زدناه ، ممّا في أمانينا ، امتدادًا يقفرُ.

 

  “3”

لي .. لكُم .. أرضٌ

وهلْ أرضٌ حوَتْ في كفِّها خُبْزًا   

لكلّ البَشَرِ؟

إنّنا نجني على أعمارِنا بالتّعَبِ المُفْرطِ كي نعشقَها

وهي لا تحملُ أشواقًا لما ننتظرُ

سيطولُ الوقتُ إنْ شئنَا..   

وقد يقصُرُ إن شاءتْ.. ولن نبْرأُ ممّا

لهوانا، عندما يُزْرعُ فيها، تضْمُرُ.

 

     “4”

إنّها كارهةٌ مكروهةٌ

ولها وجهانِ: نورٌ وظلامْ

هلْ عدُوّ هي أمْ صاحبةٌ

أمْ مزيجٌ من حَلالٍ وحرامْ ؟

كلّما همّتْ بها أحلامُنا 

وزّعتْنا بين حربٍ وسلامْ

والذين اغتسلوا في دمِها

أخرقوا فيها فـَراشًا ويمامْ

فلِمنْ نرفعَ فيها أمرَنا

بعدما أرهقَنا فيها الكلامْ

وارتججنا إذْ كبَتْ دوْرتُها

مثلما يرتجُّ في الرّيحِ الحمامْ

 

    “5”

ها أنا أفتحُ شبّاكي على جاريْنِ   

والثّالثُ لا يضْمرُ لي حُسنَ الجوارْ

غير أنّي لستُ مهتمًّا بحقِّ الردِّ   

بلْ يجدرُ بي

أنْ أرشَّ الدفْءَ في أركانِ داري

ولكـُم أعتذرُ

إنْ جرتْ ساقٍيةٌ في الحقلِ تروي الشّجَرَ

وأنا بلّلتُ وجهي

من رذاذٍ هاربٍ منها

ولم يرشفْ نداهُ الشّجَرُ

 

    “6”

تلتقي حولي ظِلالُ الضوْءِ

فلـْتقبسْ زوايا الرّوحِ ضوْءَا

يرحلْ الثّلجُ الذي في داخلي

علّني أقطعُ درْبَ العمْرِ مشدودًا إلى صفْوٍ..

ولا أُطْرِدُ ، إنْ عاجتْ على زرعٍ يريدُ الماءَ ، نوْءَا

 

   “7”

لوْ أنا أقوى على تحريرِ إْثْمٍ من يدِ الشّيطانِ

كـَيْ أُفرِحَ في الكوْنِ الإلهَ

أو أعِيقَ الخوْفَ ..

أو يُسْنِدَ ظهري جبَلا كي لا يطِيحْ

فالعصافيرُ التي طارتْ أراها

لم تعُدْ تحملُها أجنحةٌ في الجوِّ..   

واشتاقتْ إلى بَرٍّ يناديها..   ..

 ويحمي ريشَها من تعَبٍ

آهِ يا سيّدةَ العشقِ الذي يركَعُ   

والنّورِ الذي رغمَ امتدادِ الأفُقِ الدّاكنِ

في رفـّةِ عيْنٍ يسطـَعُ

لن يموت التّينُ والزيتونُ

والنّخلُ الذي يسْمقُ لكنْ

ها هنا أصبحتُ لا ألمسُ ما قدْ أسمعُ

فأنا لم ينكسِرْ ضلْعي نهارًا إنّما

أيُّ عيْنٍ عندما يُعصرُ فيها بَصَلٌ لا تَدْمعُ؟

 

المتلوّي في أواخر مارس وبداية أفريل 2017

ــــــــــــــ

“×” أفضّل كتابة إذَنْ على إذًا التي لا فرق بينها وبين إذَا عندما لا يقع شكلها.

تعليق ” مشارف” : كان جمهور النحاة يكتبون “إذًا ” بالألف.لكن المبرِّد إمام البصريين في عصره قال :” أشْتَهي أنْ أكْويَ يَدَ مَنْ يَكْتب “إذَنْ” بالألف لأَنها مثل “أنْ ولَنْ”

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*