الإسكافيُّ : شعر: عبد الله سرمد الجميل – العراق

2015-635836355778060331-806_main

عبد الله سرمد الجميل

350

 

الإسكافيُّ الأوّلُ: 

                 

أيّامَ التّجنيدِ الإلزاميِّ أعدمُوا إسكافيّاً ،

بخلطةٍ سِحريَّةٍ كانَ يُصيِّرُ القَدَمَ رَحَّاءَ ،

أي مُسْتَوِيَةَ الأَخْمَصِ لا قوسَ فيها ،

وهذا عُذْرٌ طِبِيٌّ للإعفاءِ من حروبِ الرّئيسِ ،

*

الإسكافيُّ الثّاني: 

                 

امتنعَ الإسكافيُّ من رَتْقِ حذائي ،

قالَ: كن حافياً فالقدمُ حذاءُ الجسمِ ،

*

الإسكافيُّ الثّالثُ:

 

في العراقِ يَخيطُ الإسكافيُّ أحذيتَنا بقياساتِ أيدينا ،

فأقدامُنا بُتِرَتْ مُذْ داسَتِ الألغامَ ،

*

الإسكافيُّ الرابعُ:

 

ذخيرتي نَفِدَتْ ،

عدوّي يدنو ،

وقدمايَ من زجاجٍ ،

*

الإسكافيُّ الخامسُ:

 

يقولُ أجدادُنا: الحذاءُ الغريبُ في مدخلِ البيتِ علامةُ الضّيفِ ،

إذن هذا فأْلُ خيرٍ يا جارتي الأرملةَ ،

*

الإسكافيُّ السادسُ:

 

قدمايَ بعيدتانِ عن رأسي ،

أُوشِكُ ألّا أراهُما ،

 أأنا طاغيةٌ ؟!

*

الإسكافيُّ السابعُ:

 

عارٌ على صبّاغِ الأحذيةِ ،

إذا قشطَ الطّينَ المُتيبِّسَ من حذاءِ الجنديِّ ،

*

الإسكافيُّ الثامنُ:

 

قبلَ أن يُدنِّسَ الخليفةُ جامعَ النّوريِّ في المَوْصِلِ ،

وقبلَ أن يهدِمَ جامعَ النّبيِّ يُونُسَ ( عليهِ السّلامُ ) ،

كانَ إسكافيٌّ يخلَعُ حذاءَهُ في الباحةِ ،

ولئلّا يُسرَقَ كانَ يُعبِّئُهُ قمحاً ،

ثمّ ينجذبُ الحَمَامُ منَ القُبَّةِ والمئذنةِ ،

.

.

.

ماتَ الحَمَامُ ،

نزَحَ الحَمَامُ ،

وباتَ الحذاءُ ينشِجُ ،

*

الإسكافيُّ التّاسعُ:

 

هذا الصّباحَ تجافى حذائي عنّي ،

كلّما مددْتُ قدمي لِأنتعلَهُ قفزَ كأرنبٍ في زوايا الغرفةِ ،

قرَّرْتُ أن آخذَهُ إلى طبيبِهِ الحذَّاءِ ،

ثبَّتَهُ الحذّاءُ على المِحْذَى ،

وقالَ لي: لقد خُنْتَهُ معَ أحذيةِ المنافي ،

خُذْ حذاءَكَ إلى عشبِ العراقِ يتَّسعْ ،

ضعْ حذاءَكَ على أَسْفَلْتِ المنافي يَضِقْ ،

*

الإسكافيُّ العاشرُ:

 

وصيَّتي أن تدفِنوا حذاءَ حبيبتي معي ،

غداً حينَ تُفتَّحُ القبورُ ويسيرُ النّاسُ إلى اللهِ ،

سألبَسُ حذاءَها وهو سيَدُلُّني على قبرِها ،

تلكَ التي لم تجمَعْني بها الحياةُ ،

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*