من أساتذتي في النّقد الأدبيّ : محمّد الحليوي : محمّد صالح بن عمر

11محمد_الحليوي(cropped)

النّاقد التّونسيّ الكبير محمّد الحليوي

1480741_10201331974244592_2061867629_n

محمّد صالح بن عمر في بداية السّبعينات

من النّقّاد الذين أثّروا فيّ تأثيرا بالغا لكنْ مع شيء من التّأخير المرحوم محمّد الحليوي (1907 -1978 ) الذي كان له في عشرينات القرن الماضي وأوائل الثّلاثينات الفضل في توسيع آفاق شاعر تونس الاستثنائيّ أبي القاسم الشّابي ( 1909 -1934 ) بما كان يطلعه عليه من كنوز الرّومنسيّة الفرنسيّة ،لأنّ الحليوي كان يجيد اللّغتين : العربيّة والفرنسيّة والشّابي كان وحيد اللّغة. ومن هنا جاء قول الشّابي الشّهير ” إني أحلّق بجناح واحد” .
لقيت محمّد الحليوي في الجملة مرّتين في بداية السّبعينات بمجلس الرّوائيّ الكبير المرحوم البشير خريّف (1917 – 1983 ) في مقهى المغرب العربيّ بالعاصمة .فوجدته متمسّكا بالفكرة التي دافع عنها دائما في كتاباته وهي أنّ الأدب قبل كلّ شيء فنّ وأنّ أنجع طريقة في دراسته هي الذّائقة الفنّيّة .وهي فكرة مبدئيّة أخذها عن النّاقد الفرنسيّ قوستاف لانسون ( 1857- 1934)وقد كان يفضّله على خصمه سانت بوف ( 1804 -1869 ) الدّاعي إلى أن تكون دراسة النصّ الأدبيّ دراسة علميّة خالصة، مع ما يستتبع ذلك من إقصاء كليّ للذّوق.وكنت في ذلك الوقت أمارس المناهج الحديثة وخاصّة منها الشّكلانيّة والبنيويّة والنّصّانيّة التي كانت تثير جدلا واسعا في الوسط الأدبيّ التّونسيّ. فقال لي في تلك الجلسة : “ليس لديّ أيّ استعداد لإقناعك بكلالة هذه المناهج وعقمها.لكنّي متأكّد من أنّك حين تكبر وتنضِح ستدرك أنْ لا شيء يمكن أن يحلّ محلّ الذّوق الأدبيّ المرهف الرّفيع في النّقد .
بعد أكثر من عشرين عاما تيقّنت من صحّة تنبّؤ محمّد الحليوي لأنّي تبنّيت رأيه كلّيّا.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*