في إسبانيا قطاع سياحيّ في أوج الازدهار : محمّد صالح بن عمر

fontanilla_marbella_t2900733.jpg_369272544
تعدُّ إسبانيا اليوم مثالا للبلد الذي عرف كيف يُفيد من خصوصياته الجغرافيّة والمناخيّة ، باستثماره إلى أقصى حدّ ممكن وبما يلزم من الحكمة موارده الفلاحيّة وجمال مواقعه الطبيعيّة، ليرتقي إلى مصفّ البلدان المتقدّمة .فإذا كانت الجهود التي يبذلها في القطاع الفلاحيّ قد مكّنته من أن يصبح من أكبر مصدّري المنتوجات الغذائيّة في العالم فإنّ الهياكل التي أنشأها في القطاع السّياحيّ تجتذب أكثر من ستّة وستّين مليون زائر في السّنة .ويُفسَّر ازدهار هذا القطاع بحجم الاستثمار الضّخم الذي صرفه عليه الإسبان والأجانب على حدّ السّواء. ومن هؤلاء قطريّون وإماراتيّون وكويتيّون .ومن أمثلة المشروعات التي أنجزت في هذا الميدان وتبعث على الإعجاب مدينة ماربلاّ (Marbella) الواقعة على ساحل البحر والتّابعة لمقاطعة مالقة، تلك التي أصبحت في وقت وجيز تستقطب السّيّاح من مختلف أنحاء العالم.
لقد نشأت هذه المدينة انطلاقا من قرية قديمة يعود تاريخها إلى الحقبة العربية وكان يسكنها موسميّا صيّادو السّمك .وقد حوفظ عليها تقريبا في هيئتها الأصليّة.لكنّها تحولّت اليوم بسرعة فائقة إلى فضاء عمرانيّ ضخم وأضحت قبلة لأثرياء العالم وخاصة منهم العرب والأمريكيّين والبريطانيّين، إلى حدّ أن بلغ سعر الشّقة فيها أحيانا المليون أورو.وفي هذه الجنّة الأرضيّة انتصب قصر فخم يحمل اسم المرحوم العاهل السّعوديّ فهد ابن عبد العزيز في مساحة شاسعة غُرست كلّها نخيلا للتّذكير، في ما يبدو، بأجواء صحراء الجزيرة العربّية وإلى جانبه جامع فخم ينبعث منه الأذان في أوقات الصّلاة بمضخّم للصّوت .وعلى حافة الماء يمتدّ شاطئ نظيف على عدّة كيلومترات يصعب عليك أن تعثر فيه على متر مربّع واحد تضع فيه أدباشك. لكنْ لتطمئنّ بالاً .فلا أحد يمسّها طيلة المدّة التي تكون فيها داخل الماء .ثمّ على الرّغم من عدد المستحمّين والمستحمّات الهائل – حتّى كأننا في يوم الحشر – فلا أحد يزحمك ولو عفويّا ، إذ المسألة عندهم مسألة حضاريّة.وفي أوّل الشّاطئ بعيدا عن المواضع المخصّصة للاستحمام يوجد حوض للسّفن رائق المنظر يحوي يُخُوتا وسفنا شراعيّة وزوارق سريعة.
وهنا أيضا لم أتمالك عن التّساؤل : ماذا ينقص التّونسيّين لينهضوا بالقطاع السّياحي في بلادهم بمثل هذا النّجاح؟فقبل العمليّات الإرهابيّة التي ارتكبت في السّنوات الأربع الأخيرة لم تستطع البلاد التّونسيّة تجاوز رقم السّبعة ملايين المتواضع من السّيّاح في السّنة ، في حين أنّي، رغم احترامي للإسبان ،لم أر عندهم شاطئا أجمل من شاطئ الحمّامات أو شاطئ سوسة ولا حوضا بحريّا في مثل روعة حوضي المارينا والقنطاوي .لذا ينبغي أن نبحث عن الفارق في العقليّة والحُنكة .

 

OLYMPUS DIGITAL CAMERA

مربلاّ – إسبانيا (10 أوت 2015)

OLYMPUS DIGITAL CAMERA

مربلاّ – إسبانيا (10 أوت 2015)

OLYMPUS DIGITAL CAMERA

مربلاّ – إسبانيا (11 أوت 2015)

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*