السّيّدةُ: شعر: هالا الشّعّار – دمشق – سورية

هالا الشّعّار

 

السّيّدةُ الأمُّ

الولّادةُ تصكُّ الغفرانَ

تحزّمُ النّساءَ بالأخمرةِ والجدرانِ

تكحّلُ تعاويذَها حزنًا

كأنّها لم تكنْ يومًا عشتارَ

المولودةَ من بابٍ شرقيٍّ

ولا زينبَ الكبرى

المانحةَ للصّبرِ

المحصِّنةُ بسورةِ الفلقِ

عسيرًا كانَ مخاضُها

عندما أنجبتْني دمشقُ

من شارعِها الطّويلِ ولِدتُ

تلقّفتْني النّساءُ المتّشِحاتُ بالسّوادِ

قطعنَ حبلَ سرّتي على اسمِ البلادِ

أضفنَ للمَولدِ أهزوجةً وعمادةَ بدمٍِ

البكارةَ المسفوحةَ الأولى

وعنصَرَةَ الحدادِ

أدَّدْ يا أبي

يا سيّدَ المفازاتِ الأوّلِ

والفرقِ الحدّادةِ والطّرقِ على السّندانِ

والسّبيِ والتّرانيمِ والطّوافِ والأبدِ

امنحْني مفاتيحَ قيدي

لأقول الآهَ آهاً

عسى الصدى يرتدُّ

طريقاً أو شمعاً أو زوالاً

أو حبلَ مسدٍ

لم تترفّقْ بي

وأنتَ تشرّعُ الخيانةَ

وتحرّفُ المطرَ

يا رياحَ الصَّبا

كفّنِيني بغيرِ هذا الكحلِ

وأنتَ أيّها المارقُ

حنانيْكَ كنْ ناعمًا

ليجيءَ الوردُ إلى العالمِ غمامًا

رغمٍ قلبٍ مصابٍ برواسبِهِ

كانَ يؤدّي رقصاتِهِ

مع عرائسِ موالدِهِ

أقنعوه بأذيالِ خيبتِهِ

صارَ ينبضُ فارغًا كطبلٍ

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*