نهــايتـان :قصّتان قصيرتان جدّا لعبّاس سليمان – قصّاص تونسيّ

10169179_1389827797969365_6696564142808994396_n

عبّاس سليمان

سدّ النّاس الشّوارع والأزقّة المؤديّة إلى منزلها والشّوارع والأزقّة المؤديّة إلى المقبرة حيث سيوارى جثمانها بعد ساعات.
جاء لتشييعها عامّة الخلق ومسؤولون كبار وصغار ورجـال صحافة وإعلام
وحضرت الموكب قنوات أرضيّة وقنوات فضائيّة ولم يبق بعد صلاة العصر خارج المقبرة و بعيدا عن ساحتها غير الرّاقدين في المستشفيات و المحكوم عليهم بالسّجن ومن أقعدهم الكبر عن تتبّع الجنائز وزيارة المقابر.
في المساء بثّت نشرة الأخبار الرّئيسيّة مشـاهد من جنازتها والتقطت صـورا للنّاس يبكونها ويعدّدون مناقبها ويدعون لها بالرّحمة ولهم بالصّبر على فراقها… وتلت قارئة الأخبار الّتي ظهرت بلا ماكياج وفي ثوب أسود برقيّات تعاز موجّهة إلى أهل الفقيدة
ومحبّيها و مريديها.
نشر بوق الجامع الكبير خبر موته وأعلن عن موعد الدّفن ومكانه وتطوّعت الهواتف الجوّالة والقّارّة فبثّت خبر انتقاله إلى رحمة الله إلى الأقارب والأصدقاء ومن يهمّهم الأمر وذكّرت بأنّ الموكب سينتظم بعد صلاة العصر…
لمّا أعيا أهله الانتظار ولم تجد الشّوارع و الأزقّـة والسّيّارات المارّة على عجل بغير أنفار قليلين، أركبوه سيّارة أحدهم وساروا وراءه يشيّعونه إلى مثواه الأخير… كانت المقبرة فارغة إلاّ منهم ولم يكن في انتظارهم ولا وراءهم غير مشيّعين قليلين.
في المساء، لم تقل عنه التّلفزة شيئا و لم تشر الإذاعة ولو مجرّد إشارة إلى رحيله وانتظر أهله أن تصلهم برقيّات تعزية ومواساة فلم يصلهم بعد مدّة سوى اقتراح من إحدى الجهات بأن يطلبوا تحويل مكتبته الخاصّة إلى مكتبة عامّة يزورها القرّاء و يتبرّكون بها.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*