رقصاتُ مبعثرةُ..: سعود آل سمرة – الطّائف -السّعوديّة

سعود آل سمرة

.

الألقُ القمحيُّ في لونِ الأرضِ، يفاجئُني حقًا
يسحرُني تمامًا، يحتويني بنكهةِ استلابٍ عبقريّةٍ
لا دواءَ لها، إلاّ التّعلقُ بضوءِ الأملِ..

المساءُ العتيدُ، يحتبي مهيْمنًا
بما يكفي من قوّةٍ، ليصهرَ الألوانَ في لونٍ واحد.ٍ.

عند عتبةِ الضّوءِ الأخيرةِ، يتجلّى الألقُ
ينبثقُ الشّفقُ، يتدلّى في باكورةِ المساءِ، يحتبي الزّمن، يوشكُ أن يكونَ سرمديًا، من أجلِ لحظةٍ واحدةٍ

ها هي تخطو
بحذرٍ
تعرفُ كيفَ تتهادى برقّةٍ
لتحتفيَ بها ذاكرةُ الوجعِ
أراها تمضي بجوارِ الشّجرةِ
تلك الوارفةِ غيرِ الأسطوريّةِ
أشعرُ أنّها كانتْ مثلَ كلِّ الكائناتِ
نبتتْ في ظروفٍ مواتيةٍ للبناءِ..
إنّها آخرُ النّاجينَ، من غابةِ السافانا الأولى
ولا أعلمُ ما للّعنةِ التي قادتْ لانقراضِ الغابات..

كانتِ الأيكةُ وافرةً، داخلُها الأجملُ، حافلٌ بالألقِ
حيثُ انداحتْ في أرجائِها، إيقاعاتٌ لحياةٍ هادئةٍ
على رتمٍ، يستمرُّ متباعدًا تن……تن ……تن………تن
قطراتٍ
قطراتٍ
هكذا يعزفُ النّدى 
أمسياتٍ
أصبوحاتٍ 
يصبو الصّدى على التّخومِ

د ن ددن دن ددن.. رقصاتٍ مبعثرةً.

فاتناتٌ هنّ اللاّتي كنَّ سيرقصنَ
آسرات هن اللاّئي كنّ سيخاطرن باللعب
بين الأصصِ
قربَ النّوافذِ
مذهلاتٍ حين اعتزلنَ التّوازي مع الضّوءِ
قبل أن يغادرهنَّ الوهجُ، لسنَ قاسياتٍ، مثلَ جنيّاتِ الكهوفِ الوثنيّاتِ، اللاّتي كنّ يبتهجنَ في المساءاتِ، بالرّقصِ على أحزانٍ الفقراء..ِ

لحسنِ حظٍّ مفاجئٍ، ربّما لا وجودَ لشريراتٍ
تلك السافانا خاليةٌ من كيدِ السّاحراتِ
كانتْ ساحرةً واحدةً، افتقدُها الآنَ
اختفتْ بعد أن تخلّقتْ ظبية
لتستأنفَ الحياةَ بعيدًا
عن متناولِ الأعينْ السّاخطةِ..

ما زلتُ أمضي متلهّفًا، أتلفتُ مشرئبًا كلِصٍّ
بين التّلالِ والهضابِ، أفتّشُ القرى، بحثًا عن نسخةٍ عصريّةٍ، من تلك السّاحرةِ الآبدة..ِ

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*