ندوة دار إشراق للنّشر الخامسة: رضوان الكوني قصّاصا وروائيّا وناقدا بالاشتر اك مع جمعيّة قدماء المدرسة الصّادقيّة

ندوة دار إشراق للنّشر الخامسة: رضوان الكوني قصّاصا وروائيّا وناقدا بالاشتر اك مع جمعيّة قدماء المدرسة الصّادقيّةيوم السّبت 8 جانفي 2021 على السّاعة التّاسعة صباحا بنادي جمعيّة قدماء تلاميذ المدرسة الصّادقيّة  13 نهج دار الجلد بتونس.

تكريم النّاقد مصطفى الكيلاني اليوم في ندوة دار إشراق للنّشر عن المرحوم رضوان الكوني بنادي قدماء المدرسة الصّادقيّة:

فمن هومصطفى الكيلاني؟

ولد في 29 أوت 1953 بالقلعة الصغرى من ولاية سوسة، الجمهوريّة التّونسيّة. يمتاز بتكوينه الفلسفيّ المتين ومقارباته الفلسفيّة الطّريفة والمعمقّة للآثار الأدبيّة .غزير الإنتاج في غير تساهل . صدر له إلى حدّ الآن 44 كتابا .نشر الكثير من الدّراسات والبحوث في المجلاّت التّونسيّة والعربيّة، منها “قصص” و “الحياة الثّقافيّة” و”رحاب المعرفة ” و”الآداب اللبنانيّة ” و “الفكر العربيّ المعاصر” اللّبنانيّة ومجلّة ” فصول” المصريّة و” ثقافات ” البحرينيّة و “الرّافد “الإماراتيّة وغيرها.شارك في الكثير من النّدوات العلميّة والفكريّة والأدبيّة بعدد من البلدان العربيّة والأوروبيّة . تولىّ عضويّة تحرير بعض المجّلات العربيّة، منهاكتابات معاصرة اللّبنانيّة.

من مؤلّفاته عن الأدب التّونسيّ : وهي تناهز اليوم الستين كتابا :

– إشكاليّات الرواية التونسيّة، بيت الحِكمة، قرطاج ، تونس 1990.

– مختارات من الرواية التونسيّة، بيت الحِكمة، قرطاج ، تونس 1990.

– أبو القاسم الشابّي، وجع الكتابة-روح الحياة ،دار المعارف، سوسة ، تونس 2004.

– شيخ أدباء الساحل، محمّد الهادي العامري في الذاكرة ،دار المعارف، سوسة ، تونس 2005.

من بحوثه ودراساته العربية :

– وُجُود النصّ- نصّ الوجود الدار التونسيّة للنشر، تونس 1992.

– في الميتا-لغويّ و النصّ و القراءة دار أُميّة للنشر، تونس 1994.

– أسئلة الراهن و الثقافة المُمْكنة، دار المعارف، سوسة ، تونس 1995.

– كبرياء القصيدة، جولة في عالم نِزار قبّاني دار المعارف، تونس 2002.

– ثقافة المعنى الأدبيّ دار المعارف، سوسة ، تونس 2002.

– زمن الرواية العربيّة، كتابة التجريب دار المعارف، سوسة ، تونس 2003.

– القيمة و الاختلاف، مُقاربات فكريّة، دار المعارف، سوسة ، تونس 2004.

– نداء الأقاصي، القصيدة و التأويل، دار المعارف، سوسة ، تونس 2004.

– إيديولوجيا العنف، التواصُل المستحيل- التواصل الممكن ، دار الأزمنة ، الأردنّ ، 2005.

– شعر الاختلاف، كتابة الأعماق في نصوص علاء عبد الهادي الشعريّة ، مركز الحضارة العربيّة، مصر 2005.

– فتنة الغياب، إلياس فركوح و إبداعيّة النصّ المتعَدِّد الأردنّ: منشورات أمانة عَمّان الكبرى ، الأردنّ 2006

– فَرَح مُعلّق في آخر السطر (شعر ، دار الميزان، تونس 2006.

– “شربل داغر:الرغبة في القصيدة”، دار شرقيّات، مصر 2007.

-شعرية الذكرى ، قراءة في كتابات علي جعفر العلاّق، دار أزمنة، الأردن 2008.

-الرواية والتأويل ، دار أزمنة،لأردن2009.

-صقر الرؤى، مختارات شعرية لهادي دانيال، إعداد وتقديم، دار الفرقد ، سورية 2009.

-الإنسان، هذا الكائن المتعدد الأبعاد، دار صامد، تونس 2009.

– مرايا العتمة، قصيدة النثر ومستقبل الشعر العربي، نقوش عربية، تونس 2009.

-التاريخ والوجود، في المتبقى والمندثر، الدار العربية للعلوم لبنان – ناشرون ودار الاختلاف، الجزائر 2010.

-رغبة بلا أجنحة ومقالات أخرى، دار نقوش عربية، تونس 2010.

من أعماله السرديّة:

– من أحاديث المِقصّ (مجموعة قصصيّة)، الدار التونسيّة للنشر، تونس 1985.

-أعوام الجراد و المخاض (مجموعة قصصيّة)، الدار التونسيّة للنشر، تونس1994.

– حُلم السبيل (مجموعة قصصيّة)، دار سحر ، تونس1999 .

– نزيف الظلّ (رواية)، دار المعارف،سوسة ، سوسة ، تونس 2001.

– مرايا الساعات الميّتة (رواية)، الميزان للنشر، تونس 2004.

– آخر الأجراس- بدء الخطر (رواية)، دار الميزان، تونس .2005

– كازينو فجّ الريح ( رواية)، دار الفرقد، سورية 2009.

-غزّة أيتها المرآة ( مجموعة قصصية)، دار المعارف ، سوسة ، تونس

تكريم الشّاعرة نجاة الورغي:

الشّاعرة التّونسيّة نجاة الورغي تجسّد الكونيّة في أحسن مظاهرها. فهي تكتب الشّعر بثلاث لغات: العربيّة والفرنسيّة والرّوسيّة. وقد نالت جائزة زبيدة بشير عن شعرها باللّغة العربيّة وحصلت على ميدالية من وزارة الدّفاع الوطنيّ في مسابقة عن أفضل قصيدة تحتفي بالجيش الوطنيّ و الجائزة الثّانية في مسابقة عالميّة للشّعر النّاطق بالفرنسيّة نظّمتها منظّمة”اليونسكو”. وقد نظّم لها المركز الثّقافيّ الرّوسيّ عدّة أمسيات خاصّة بها. وقد أسهمت ولا تزال بعضويّتها في لجنة القراءة بالقسم الفرنسيّ من مجلة”مشارف” في إكسابها مصداقيّة متزايدة على الصّعيد العالميّ.شعريّا تتمتّع نجاة الورغي بحساسية جمالية مرهفة وتنشد في ما تكتب قولَ ما لا يقال ، بلغة استعاريّة عالية الشّعريّة

مداخلة النّاقد محمّد المي:

الموضوع الذي طرقه محمّد المي في مداخلته جديد تماما: “المؤسّسة الثّقافيّة للأديب: عنصر مساعد أم معرقل؟”

ولقد لاحظ اعتمادا على أمثلة جيّدة الاختيار انتقاها من تاريخ الأدب التّونسيّ الحديث والمعاصر(المسيرات والأعمال الأدبيّة لزين العابدين السّنوسيّ ومحمود المسعدي ومحمّد العروسي المطوي وأبي القاسم محمّد كرّو وعز الديّن المدني وسمير العيّادي ورضوان الكوني) أنّ المسؤوليّات الثّقافيّة التي تحمّلوها طيلة عدّة سوات من حياتهم حالت دون تميّز معظمهم وبروزهم في أيّ لون من ألوان الإبداع الأدبيّ بما فيهم المسعدي الذي يرجع الفضل في شهرته إلى إدراج كتبه في برنامج الباكلوريا منذ الاستقلال . ولم يفترق عن هؤلاء إلاّ عزّ الدّين المدني الذي استطاع أن يستغلّ لصالحه المسؤوليّات الثّقافيّة التي اضطلع بها على رأس ملحق جريدة”العمل” الثّقافي(1968 -1973) ودار الثّقافة ابن رشيق ثمّ جائزة البنك التونسيّ. وذلك لأنّه منح دائما الكتابة الأولويّة المطلقة في حياته

مداخلة النّاقد أحمد حاذق العرف

إلى أيّ حدّ يمكن أن يكون كاتبٌ سرديٌّ موضوعيّا حين يتحدّث عن أعمال كتّاب سرديّين آخرين أو شاعر يبدي آراءه في كتابات شعراء آخرين؟ بعبارة أخرى هل يمكن اعتبار النّقد الذي يكتبه المبدعون نقدا حقيقيّا؟

تلك هي الإشكاليّة التي انكبّ على معالجتها النّاقد أحمد حاذق العرف في مداخلته الموسومة ب”رضوان الكونيّ ناقدا من خلال مؤلّفه: الكتابة القصصيّة في تونس خلال عشرين سنة”، بتقليب النّظر في كلّ السّياقات التي أبدى فيها رضوان الكوني آراءه ضمن الكتاب المذكور.وهذا البحث المستقصي قاده إلى استنتاج أنّ قارئ هذا التأليف لا يجد نفسه إزاء”خطاب متعالم مُثقل بالإحالات والمرجعيّات ولا منهج صارم محدّد بأدوات إجرائيّة معقّدة ولا جهاز مفهوميّ ما قبليّ ينطلق منه ليعود إليه ولا نسق إيديولوجيّ يريد تكريسه ولا منزع طوباويّ يبشّر به.

انه حطاب أكثر تواضعا، خطاب يقوده شغف القصّ وتنوّع محافله السّرديّة لا يدّعي الإحاطة والإفاضة ولا يرغب في التّوعّر والتّعالي”

بكلمة واحدة ينتمي هذه الكتاب إن شئنا الى ما يسمّى ” القراءة العاشقة”

مداخلة النّاقد أحمد ممو:” رضوان الكوني بين الت”جريب والواقعيّة”:

هذه الدراسة بكلّ صدق هي حتّى الآن أشمل دراسة وأوفاها أعدّت عن مدوّنة رضوان الكوني السّرديّة. وما في ذلك من غرابة .فأحمد ممّو كان من الأصدقاء الحميمين للرّاحل وقد رافقه طيلة مسيرته الأدبيّة من بداياته في نهاية السّتّينات إلى وفاته سنة 2010.

لقد سعى في مداخلته إلى القيام بعمليّة تفكيكيّة لمجموع آثار رضوان الكوني السّرديّة السّتّة مكّنته من الوقوف على خصائص كلّ مكوّن من مكوّنات الثّنائيّ الرئيسة التي تنتظم ة تلك الآثار وهي: التّجريب/والواقعيّة، منتهيا إلى القول إنّ رضوان الكوني” يرى الكتابة القصصية مجالا للتّعبير عن موقف الكاتب من الواقع المعيش وتبليغ ذلك الموقف إلى القارئ بشكل يرقى إلى أدبيّة النصّ، بحيث يكون بذلك شاهدا على العصر. وهو يعتبر أنّ التجريب منهج في الكتابة، تحدّه ضوابط العقد القائم بين الكاتب والقارئ والمتمثلة بالأساس في ضرورة “حسن التبليغ” وليس مجرّد حوار ذاتي بين الكاتب وأفكاره.”.

مداخلة النّاقد مصطفى الكيلاني: مَوْصُوف العَوَالم (دَوَالُّه، دَلالاته، تِدْلالاته) في ” الكَراسِي المَقلُوبَة” ﻟ رَضوان الكُوني

لمصطفى الكيلاني ثقافة فلسفيّة واسعة ومركّزة. وهو من النقّاد التّونسيين النّادرين الذين يفيدون من هذا الميدان المعرفيّ في مقاربة الأعمال السّرديّة.

في هذه الدّراسة لمجموعة رضوان الكوني الأولى الموسومة بالكراسي المقلوبة ، ذهب إلى أنّ المفهوم الأكثر إفادة فيها هو مفهوم المكان، لكون الذّات السّاردة تتنقّل دون توقّف بين عوالم مختلفة.

ولإ دراك هذا المفهوم كما بثّ عبر نصوص المجموعة، لاذ بالنّظريّة الظّاهرتيّة لهوسّارل. وهو ما قاده إلى استنتاج أنّ عالم رضوان الكوني السّرديّ يلوح ” كُلّا مُتعدّدا مَشهَدِيّا بِما يُشبه طَيْفَ مَحْكِيّ سَيْر- ذاتِيّ مَفاده مَعيش سالف وآخر حادث مِن فضاءَيْن مُتقابلَيْن، لِكُلّ واحد مِنهما أشياؤه الخاصّة، وبِالتباعُد الزَمَنِيّ تعاقُبا بَيْن ما- قبليّ وما- بعديّ، كما لاحظ أنّ المشاهد في هذه المجموعة قد وصفت وفقا لأساليب فنون متنوّعة أهمّها الفنّ السّينمائيّ.

مداخلة الناقدة منّوبيّة بن غذاهم: رضوان الكوني قصّاصا واقعيّا من خلال النّفق:

النّفق هو عنوان مجموعة رضوان الكوني القصصيّة الثّانية (1983). وقد نحا فيها منحًى جديدا بعد المنحى التّجريبيّ الذي اتّبعه في مجموعته الأولى الكراسي المقلوبة. وهو المنحى الواقعيّ الماثل في إرغام الفنّ على تصوير الواقع لكن ليس أيّ واقع بل هو الذي يمسك به دون تكلّف النّاس البسطاء العاديون ولربّما أولئك الذين لا يروق منظرهم كثيرا للنّاظرين. وهذا الضّرب من الكتابة يمكّن من تصنيف نصوص هذه المجموعة في خانة القصص الواقعيّة.

النّفق هو مجموعة حكايات تروي المعيش بجانبه القبيح أحيانا والمثير للشّفقة. وفيها يقدّم المؤلّف بطله، في ما يبدو، على نحو عاديّ جدّا داخل حكاية يقصّها هو نفسه بلسان المتكلّم وفيها يلوح البطل في وفاق تامّ مع محيطه. وهوما يمكّن الوصف من اكتشافه بسهولة. ثمّ يتفطّن القارئ إلى أنّ ذلك هو الظّاهر لا غير، لتوفّر دلائل أو عناصر إيحائيّة تشي وجود فجوة خفيّة تراها الشّخصيّات الأخرى.

في هذه الكتابة ينبغي الإلحاح على الأهمّيّة التي يوليها المؤلّف للتّفاصيل تلك التي مكّنته من أن يضفي على الحكاية طابعا محتمل الوقوع. وهو أتاح له ملامسة الواقع الحقيقيّ.

لقد توصّل رضوان الكوني في النّفق إلى إحداث مساحات مغلقة في الفضاءات الأشدّ انفتاحا والحال أنّ المساحة المغلقة ضرورية لبلورة الأزمات وتكثيف الانفعالات وحتّى المواجهات.

والمساحة المغلقة لديه هي في الأغلب الأعمّ الأنا الداخليّ للبطل الرّاوي. ومناجاته تمكّن من رؤية الصّراعات العنيفة المؤلمة التي تصرّ الشّخصيات على إخفائها .

ختاما ما ينبغي الإلحاح في إبرازه بهذا الكتاب هو طابع الحياة اليوميّة المأسويّ المتأتّي من عبثيّة التّصرّف البشريّ.

مداخلة النّاقد عمر حفيّظ : واقعيّة الرّواية ومحنة المثقّف في رواية دراويش السّاحة لرضوان الكوني.

تتبع الناقد أطوار رواية دراويش السّاحة (2009) وهي الرّواية الرّابعة لرضوان الكوني ودقّق النظر في تفاصيلها ليكشف عن طبيعتها . ومدارها على صراع صريح بين الشّركة التّونسيّة للكهرباء والغاز ووثلاثة مثقّفين لقّبوا بالدّراويش ومعهم جمع غفير من من المواطنين رفضوا جشع الشّركة ونهمه فامتنعوا عن دفع فاتواراتهم. الدراويش هم سالم العلوي( البطل) خرّيج علم الاجتماع و توفيق عبّاس خرّيج كليّة الآداب، قسم اللّغة العربيّة، يعمل أستاذ تعليم ثانوي ويكتب القصص دون نجاح يذكر ومنصور النّمر مصوّر سينمائيّ درس التّصوير السّينمائيّ في بلجيكيا. هؤلاء الثّلاثة يلتقون يوميّا في المقهى ليخوضوا في موضوعات شتّى يتّصل بعضها بالواقع التّونسيّ وبعضها بالواقع العربيّ وبعضها الآخر بالوضع العالميّ ويشتركون في التّفكير والحلم بالتغيير .

وتطرأ مشكلة في الحيّ هي قطع شركة الكهرباء والغاز التّيّار الكهربائيّ عن كلّ سكّانه لامتناعهم عن دفع ثمن فاتورة الاستهلاك بتوجيه من الدّراويش الثّلاثة. وحين تأزّم الوضع داخل الحيّ اقتُرِح على السّكان أن يولّدوا الكهرباء من أجسادهم. وهو ما جعل الناقد يستخلص أنّ الواقعيّة التي انتقل إليها رضوان الكوني بعد مرحلة التّجريب ليست الواقعيّة التّسجيلية بل هي هنا على الأقل واقعيّة سحريّة كما أنّ في اضطلاع المثّقفين الثّلاثة بتوعية النّاس رسالة واضحة من المؤلّف. وهي أن للمثقّف دورا في مجتمعه.وهوما يمكن تسميته بالواقعيّة النّقديّة.

مداخلة النّاقد محمّد صالح بو عمراني: الرّواية والتّحوّلات الاجتماعيّة “رأس الدّرب” لرضوان الكوني أنموذجا.

رواية رأس الدّرب (1994) هي أوّل رواية لرضوان الكوني. ولمّا كان أهمّ محور تدور حوله هو ، في تقدير صاحب هذه المداخلة، التّحوّلات العميقة التي طرأت   على الجتمع التّونسيّ إبّان الحقبة الاستعماريّة والتّأسيس للدولة الحديثة، فقد اختار منهج التّحليل النّقدّي للخطاب،  ساعيا الى رصد وجوه الصّراع الاجتماعيّ المختلفة، بين الأصالة والحداثة، والمرأة والرّجل، والغنيّ والفقير، والأبيض والأسود، والأصحّاء وذوي العاهات، والشّرعي اجتماعيّا وغير الشّرعي، وكيف تتحدّد المكانة الاجتماعيّة انطلاقا من الدّور الذي يلعبه كلّ فاعل اجتماعيّ . لكنّ الرّواية ليست فضاء للوصف المحايد، فهي بقدر ما تنقل التّمثّلات الاجتماعيّة وتصف التّحوّلات الواقعة في الذّهن والممارسة التّجريبيّة بقدر ما تسهم في إنجاز هذه التّحوّلات ما يجعلها خطابا إيديولوجيّا و فعلا اجتماعيّا”.

وعلى الرّغم من أنّ هذه المقاربة عرفانيّة وأنّ تطبيق العرفانيّات على الأدب لم ينتشر بما فيه الكفاية بعد  حتّى في الأدب الفرنسيّ، فقد نجح المحاضر في شد اهتمام الجمهور  باستعماله لغة مبسّطة مفهومة خالية من المصطلحات  القليلة الشّيوع التي تقتضيها اللّغة العالمة.وهذا هو الفرق الجوهريّ بين النّقد الأدبيّ الذي يوجّه إلى جمهور الأدب  في الوسط الثّقافيّ والبحث الأكاديميّ الذي يستخدم في المؤسسّات الجامعيّة ويوجه الى متخصّصين.

مداخلة النّاقدة فوزيّة الصّفّار الزّاوق: جدليّة التاريخيّ والإبداعيّ في رواية”صهيل الرّمّان” لرضوان الكوني.

صهيل الرّمّان(1998) هو عنوان رواية رضوان الكوني الثّانية. وهي رواية واقعيّة من حيث أحداثها وأماكنها وشخوصها ورمزيّة من حيث دلالاتها التي حاولت النّاقدة تأويلها وفكّ ألغازها ، تدور أحداث هذه الرّواية في عهد الاستعمار وبداية الاستقلال وبطلها مصوّر فوتوغرافيّ يدعى سيكاريلي جاءت به الإقامة العامّة من فرنسا ليلتلقط لها صورا تغطّي مساحة حيّ الحلفاوين وبطحاء باب سويقة بكلّ تفاصيلهما لغاية استخباريّة. فمارس هذه المهنة طيلة ستّ وثلاثين سنة. وحين جاء الاستقلال قرّر الرّحيل إلى بلاده. وقبل رحيله سلّم الرّصيد الضّخم من الصّور التي التقطها لصديق له رسّام وكاتب اسمه سوفالجين من أبناء المنطقة. فأخذ هذا يستنطقها صورة صورة، رابطا الماضي بالحاضر. وهو ما أتاح الفرصة للمؤلّف رضوان الكوني من رسم صور حيّة لتلك المنطقة التي عاش فيها هو نفسه منذ صغره وبثّ آرائه فيما حدث ويحدث فيها ومواقفه من سلوك نماذج بشريّة كثيرة من أهلها استحسانا أو استقباحا.وأمّا وجه عنونة عنوان الرّواية بصهيل الرّمّان فقد يكون المقصود به الأصوات التي تحدثها القنابل اليدويّة ( التي تسمّى في اللّهجة التّونسيّة “رمّانات”). وعلاقة ذلك بالواقع الذي تصوّره الرّواية هو في ما يبدو أنّ الرّاوي يتمنّى وقوع انفجار ضخم يقضي على مظاهر الرّداءة و العفن المستشريين في هذا الواقع. وكأنّه تنبّأ بالثّورة أو حلم بها.

 

مداخلة النّاقد مصطفى المدايني: قراءة في رواية عيد المساعيد لرضوان الكوني: الحياة علبة لعب لا يفقهها أهلها إلاّ بعد فوات الأوان.

عيد المساعيد(2005 ) هي الرّواية الثّالثة لرضوان الكوني.وقد استلهمها مؤلفها من عالم كرة القدم الإشكالي الذي تتداخل فيه الرّياضة بالسّياسة والاقتصاد . وربما لفكّ هذا التّداخل اتّجه صاحب المداخلة إلى دراسة الرّواية دراسة شموليّة لا تهمل أيّ جانب من جوانبها ( البنية السّرديّة والمحتوى الدّلاليّ واللّغة وغيرها). ومحصّل الحكاية فيها أنّ فريق كرة قدم تونسيّا هو فريق المساعيد بلغ الدّور النّهائيّ هو وبطل أوروبا فريق السّهم في بطولة عالميّة للمجتمع المدنيّ وقد أسفرت القرعة أن تكون المباراة في تونس. فعقدت على هذه المباراة آمال عريضة وجنّدت لها الدّولة كلّ طاقتها .لكن يوم إجرائها أوقفها الحكم بسب انقطاع التّيّار الكهربائيّ وتقرّر إعادتها لا حقا.

هذا هو الإطار العامّ الذي تدور فيه الأحداث. أمّا بطل الرّواية فهو صحفيّ رياضيّ متخرّج في معهد الصّحافة يدعى فرحات الخضراوي يكشف في مقالاته تورّط رئيس الجمعيّة رجل الأعمال الثّريّ النّافذ حمّودة الزّهواني في كثير من قضايا الفساد فيؤول الأمر إلى سجن الصّحفيّ.

ويستفاد من هذه الحكاية الواقعيّة الرّمزية أنّ رضوان الكونيّ يرمي من ورائها إلى الكشف عن بؤر الفساد التي تتخفّى وراء شعار الرّياضة خاصّة في الجمعيّات الكبيرة التي تستشري فيها الرّشوة وبيع المقابلات والتّلاعب بالنّتائج فضلا عن تخدير الشّعب وتلهيته. أمّا وجود بطل يناضل ضدّ الفساد في هذا العالم الذي تستفحل فيه القيم المتدهورة فيدل على أنّ الواقعيّة التي يتعلّق بها هي الواقعيّة النّقديّة.

مداخلة النّاقدة هيام الفرشيشي: الواقعيّة النّقديّة وتوخّي الخطاب النّفسيّ في رواية “عيد المساعيد” لرضوان الكزني.

لئن نظر النّاقد مصطفى المدايني إلى رواية عيد المساعيد (2005) لرضوان الكوني ما بيّنا نظرة شموليّة فقد اختارت النّاقدة هيام الفرشيشي مقاربتها مقاربة سيميائيّة باستنطاق الصّور الرّمزيّة التي وظّفها فيها لما لاحظته من أنّ رضوان الكوني اعتمد على الصّور الأدبيّة الرّمزيّة التي تتعمّق في تصوير حالة الشخصيّة الرّوائيّة الرّئيسة في أبعادها النفسيّة والإنسانيّة وهمومها الاجتماعية والفكرية وحركتها وتخيّلاتها، وتعبيراتها عن أفعالها في فضاء محدود.

ومن الصّور التي رصدتها النّاقدة ما يلوح منها للرّاوي وهو بتأمّل فنجان قهوة، فيرى الخطوط والأشكال تتحوّل إلى صور مشهديّة متخيّلة، لتصور مزاج الشّخصيّة وشحنتها النّفسية الدّفينة وسبر أغوار عوالمها الدّاخلية الكامنه وراء الظاهر من أفعالها. فالرّاوي يرى الحياة من خلال وجدانه الغامض وتوقّعاته من خلال تلك الرّموز لمواجهة واقعه.

وفي هذا السّياق تتحوّل رغوة القهوة إلى مرآة ينعكس عليها وعيه الذّاتي. فيحوّل من الخطوط أشكالا لها تعبيراتها ودلالاتها.

و من الصّور الأخرى التي توقّفت عند الأشكال الهندسيّة للعمارة واللّعب خاصة أنّ مدار الرواية على فريق لكرة قدم منتهية إلى أنّ”

“الصّور الرمزية في رواية “عيد المساعيد” جزء من الواقع. وهي صور أدبية أيضا تعكس قدرة الفكر والخيال على تبليغ المعنى من خلال الشّفرات اللغوية لمزيد تأويل الأحداث وتبليغ رؤية ذهنية لها، فهي ذات صلة بها وهي رؤية من داخل الشّخصية للواقع، يعبّر من خلالها السّارد عن لعب التّبليغ الممكنة وتجاوز نقل الأحداث وإخبار القارئ إلى الإيحاء والتّأثير”.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*