الرّحلة الثّانية :شعر: سالم محسن – البصرة – العراق

سالم محسن

على عكازتين تأهبتْ واحتضنتْ أسلتي
وردتْ بأجوبة في الزمان والمكان المعينين
وافتتحت من المبنى نافذة
فبادرتها قائلا : أن الصورَ أكثر بلاغةً من الكلام
أما عن رائحةِ القهوة
فكانتْ في كل سؤال ٍوجوابٍ تحاصرُ الجدران

يبتَّلُ قيرُ الشوارعِ ماء الماكنات ِ
فتوغل  الطبيعة
ممّا يصعدُ الى الاشجارِ من ندى  العواصم
وتطلُ على اللقاء كوةٌ خضراءُ
وتختفي حرقةُ الشمسِ خلفَ الظلالِ
الجوريُّ والقداح ُ والجهنميُّ
مسافاتٌ شفافة ٌ
في التورّدِ والازهرارِ والذبولِ
متكئٌّ أنا على نسماتِ  الأيدي
وخصرُ السَّاقِ يميلُ
وتكتملُ الدوائرُ الملوّنةُ
وتنحرف عن المستقيم زاويةٌ لنا
لو كنتِ هنا..؟
أفترضُ
في ذلك اليوم
دونَ أصوات
بعد دقائقَ
في  الموعدِ
ستأتي
تَطّلُ عليَّ
تأخذُني ضحىَ نتنفسُ  الأّغاني
((عودي  ..عودي ..))
الشارعُ ثُمَّ  الرصيفُ
الشجرةُ ثُمَّ  الحديقةُ
تأخذُيني إلى  السلالمِ
على عتبات الموزاييكِ
دونَ أقنعةٍ
تَطّلُ على نشوتنا من علوٍّ في الصباح
تّطّلُ من عريشةٍ مكتظةٍ بالأزهارِ
تعانقُ أشعةَ الشمسِ والظلال
فتميدُ رغباتي مع  نزواتي
وتدورُ روحي بجسدي بعيداً
فوق المرتفعات والهضاب
لم تكن إلاَّ برهةً
ستتركني  عند السياجِ متجهاً إلى دار الكتبِ
كما لو أنيَّ في حلمٍ
ثُمَّ جاء النسيان
من أيِّ جهة ٍ؟
من أيِّ باب ٍ؟
من أيِّ شباكٍ نفذت ؟
كنتِ ستقولين :
السياج  القديمةُ و السُّوق العصريُ
لولا عقاربُ الوقتِ
كنت ستقولين: .. لنذهبْ الى الأوبرا
نرنو الى الزّجاج وهو يُغرقُ النَهرَّ بالخضرةِ الكابية
سأقولُ بأنَّ وقتي ليسَ لي
ووقتُ سوايَ وديعة ٌ
يعج هذا الافتراضُ بالزُّرقةِ
سيعودُ كُلَّ شيءٍ
ستقولين
كانت في الغابات ِ أكثرُ من شجرةٍ
كانت في الحدائقِ أكثرُ من زهرةٍ
في  ذلك العام
كانت الالفةُ والقلبُ يحنو ويرفُّ
هناك .. ما أقلَّ  الماء
من هناك
من تلكَ المساربُ
كان الوقتُ يسيلُ
لا يكفي لنا .. لهذا اليوم
فقالتْ:  لكلِّ لقاءٍ وداعٌ  ودخانُ
إنَّها الأصواتُ
هي لحظةٌ وصمتُ
فماذا نحن فاعلان
قد انتهتْ هنا أغنيةٌ .. عند المسافةِ الفاصلةِ
لم  تنتهِ
بَل انتهتْ
لا ..لم تنتهِ
ظلَّتْ تدورُ بين  عصفورٍ و شجرةٍ في شارعِ  الانتظار

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*