رُؤُوسُ الأصابعِ رؤوسٌ أيضًا : عبَّاس ثائر- ذي قار- العراق


أحبُّ النّساءَ الطّويلاتِ،
وأعرفُ كيفَ يُفكّرُ القِصارُ مثلي،
سأٌفشي لكِ سرًا تخفيه نفوسٌ وتفضحُهُ أخرى:
جميعُنا نحبٌّ النساءَ الطّويلاتِ.
أنا مثلًا، أحبُّ أن انعتَكِ: شجرةً.
في صغري، لم تعشْ من الأشجارِ في المدينةِ واحدةٌ إلاّ وقالَتْ: أعرفُ هذا.
لم أصعَدْ شجرةَ مَّا لأعلوَ؛
أنا أدركُ أنّ ما يرتقي له المرءُ يُهْبِطُهُ الوقتُ؛ طالما
على الأرضِ قبورٌ.
لم أتسلّقَ شجرةَ مَّا لأخبرَها أنّي وصلتُ رأسَها؛
لا أُعنى بلذّةِ الصّعودٍ أنّي كنتُ أصعدُ لأصعَدَ فقطْ.
المراةُ الطّويلةُ مثلُ عمودِ إنارةٍ في حيٍّ مظلمٍ، تعيدُني طفلًا؛ حينَ كانَ الأطفالُ يلعبونَ وأيُّهُمْ يصلُ إلى مصدرِ الضّوءِ أوّلًا، سيبْني الضّوءُ غرفةً مُضيئةً
في قلبِه، و لن يموتَ في اللّيلِ أو في شارعٍ مظلمٍ أبدًا.
كثيرًا ما كسبتُ الرّهانَ،
رهانَ الوصلِ للضّوءِ أوّلاً.
المرأةُ الطّويلةُ، حصنٌ، لكنّهُ غيرُ آمنٍ.
تنظرُ إليكَ من فوقٍ، فترفعُ رأسَكَ بعناءٍ مثلَ طفلٍ متلهّفٍ
أو أنّكَ تقفُ على رؤوسِ أصابعِ قدميكَ؛ لترَى كيفَ تحرّكُ برأسِها، أو تتحرّكُ شفتاها، فرؤوسُ الأصابعِ رؤوسٌ أيضًا. أ قليلٌ أنْ يقفَ المرءُ على رأسِهِ؟!

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*