وضع اللّغة العربيّة الرّاهن وآفاق التّجاوز : محمّد صالح بن عمر

من المشكلات البالغة التّعقّد التي تواجهها اللّغة العربيّة اليوم علاقتها  بالتٍّقانة الحديثة.وهي مشكلة لم تنفكّ تترسّخ منذ  بداية ما سُمِّي عصرَ النّهضة،  وسببها الرّئيس هو : عدمُ توفّق العرب علماءَ وسياسيّينَ إلى جعل لغتهم ، كباقي أكثر اللّغات انتشارا في العالم، لغة العلوم الصّحيحة والتّجريبيّة والتّقنيّة .وهي العلوم التي تُقاس  بمدى حيازتها والأخذ بناصيتها  درجةُ تقدّم أمّة  من الأمم أو شعب من  الشّعوب .ويتجسّد هذا التّقصير في استمرار تدريس تلك العلوم بالمعظم الأغلب من  الجامعات العربيّة بإحدى اللّغتين الإنجليزيّة والفرنسيّة،ما عدا الجامعات السّوريّة المعرّبة تماما والجامعات الأردنيّة واللّيبيّة التي  تستعمل فيها اللّغة العربيّة ولغة أجنبيّة  معا.وقد  ترتّب على ذلك إجراء البحث العلميّ  في جلّ جامعاتنا  بغير اللغة القوميّة إشرافا وإعدادا ومناقشة.وهو ما انجرّ عنه تشكلّ شرائحَ كثيرة ، متزايدة العدد من المثقّفين العرب ينظرون إلى لغتهم على أنها مقوّم من مقوّمات الهوّيّة والأصالة ليس غير وأنّ الأخذ بأسباب التّحضّر والتّمدّن الضّروريّ للاندماج في الكونيّة لا يكون إلاّ بوساطة لغة من لغات الشّعوب المتقدّمة .

فإلاَمَ يعود هذا التّقصير ؟ ولِمَ لمْ نلمس مثلَه عند أمم وشعوب أخرى قطعت أشواطا مهمّة في طريق اللّحاق بالغرب كالرّوس والصّينيّين واليبانيّين وصهاينة إسرائيل ؟ أهو متأتٍّ من وجود خلل مّا أو أكثر في اللّغة العربية ذاتها أم من عجز علمائها عن الاهتداء إلى الحلول الكفيلة بتهيئتها لاستيعاب تلك العلوم  بالقدر والنّسق الكافيين  أم من قلّة اهتمام القادة السّياسيّين الذين ربّما يرون في حذق  العرب  لغات الشّعوب المتقدّمة واستعمالها أقصر سبيل إلى الإلمام بعلومها وأقلّ تكلفة من الإنفاق على الهيئات العلميّة اللّغويّة للارتقاء بلغة الضّاد وتحويلها إلى لغة علم وتِقانة ؟

إنّ الإجابة عن هذه الأسئلة بكلّ دقّة لضرورية لتخليص اللّغة العربيّة من هذا الوضع والارتقاء بها إلى مصافّ  لغات الأمم المتقدّمة،إذ لا نرى اليوم أيّ أمّة قطعت أشواطا في درب التحضّر والتمدّن تتّكئ في ذلك على لغة غير لغتها .

I- تشخيص وضع اللّغة العربيّة الرّاهن :

ينبغي الاعتراف منذ البدء بأنّ اللّغة العربية اليوم هي، في المقام الأوّل، لغة الدّين الإسلاميّ والأدب العربيّ الفصيح.بل إنّها لو لم يتأسّس هذا الدّين على القرآن الكريم الذي هو كتاب عربيّ مبين لفقدت منذ عهد بعيد هاتين الوظيفتين أيضا ولآل بها الأمر إلى  حلول لهجاتها محلّها  مثلما حصل للّغة اللاّتينية بعد انهيار الإمبراطوريّة الرّومانيّة .ذلك أنّ القائمين على الشّؤون الدّينيّة من خطباء وأئمّة ووعّاظ  كثيرا ما يمزجون الفصحى بالدّارجة المحلّية في خطبهم ودروسهم وتدخّلاتهم الشّفويّة في وسائل الإعلام المسموعة والمرئيّة ، حرصا  منهم على تبليغ تعاليم الدّين الإسلاميّ إلى عموم النّاس .ومثلُهم الأدباء والكتّاب السّرديّون من قصّاصين وروائيّين بحجّة ضرورة الالتصاق بالواقع وكذلك السّياسيون من رؤساء وملوك ووزراء   وغيرهم من كبار المسؤولين عن مؤسّسات الدّولة،أولئك الذين إذا تكلّموا في مواقف رسميّة توجّهوا بخطابهم إلى الشّعب أو إلى فئات واسعة منه بلهجته لا بالفصحى التي لا يفهمها إلاّ المتعلّمون (1).

وهذه المنافسة التي تلقاها اللّغة العربيّة من الدّوارج المحلّيّة هي عامل آخر من العوامل التي أسهمت ولا تزال في تعقّد وضع اللّغة العربيّة  سنتوقّف عنده بعد حين .

أمّا في المجال الذي نحن بصدد الحديث عنه – وهو عدم توفّق العرب  في هذا العصر إلى جعل لغتهم لغة العلوم الصّحيحة والتّجريبيّة والتّقنيّة-   فهو المنافسة التي تلقاها  ثمّة من اللّغات الأجنبيّة لاسيّما اللّغتين الإنجليزيّة والفرنسيّة.و هذه المنافسة   هي ، في تقديرنا، أشدّ خطرا من منافسة الدّوارج التي تبقى،مهما كان الأمر،بنات الفصحى الشّرعيّة .ذلك أنّ آثار اللّغات الأجنبيّة السّلبيّة تمسّ المجتمع العربيّ في صميمه  عقليّةً وثقافةً ونمطَ حياة ، مهدّدة إيّاه في هويّته .فلقد أدّى ارتباط التّخصّص في العلوم الصّحيحة والتّجريبيّة عندنا باللّغات الأجنبيّة،  فضلا عمّا يفتحه من آفاق في التّشغيل وإمكان مواصلة الدّراسة في الخارج ، إلى  ازدياد الإقبال على تعلّم تلك اللّغات من الشّباب العربيّ ، كما شجّع عدّة مؤسّسات جامعيّة أجنبيّة على تأسيس فروع لها في الوطن العربيّ يرتادها أبناء الطّبقات الثريّة والمتوسّطة .وكان من أبرز إفرازات هذا المُناخ  تشكّلُ فئة  متزايدة العدد من النّخبة تتشبّه في نمط عيشها وعاداتها وسلوكها وفي ما تستهلكه من موادّ ثقافيّة بالنّاطقين الأصليّين لتلك اللّغات الأجنبيّة، بما في ذلك التّخاطب بها في الحياة اليوميّة . وبنشوء هذه الفئة والتّضخّم المتزايد لحجمها واحتلال أفراد منها مواقع نافذة في أجهزة السّلطة السّياسيّة صار للتّعريب خصم عنيد يقف ضدّ أيّ محاولة ترمي إلى دخول اللّغة العربيّة الميادين التي ترتبط بها مصالحه.وهي ميادين حيويّة   كالطبّ والصيدلة والهندسة بكلّ فروعها والتّصرّف والاتّصال والتّجارة الدُّوَليّة والصّناعات الآليّة والألكترونيّة و الرّقميّة  والطّباعة .

ومقابل  هذه الفئة التي يمكن اعتبارها محظوظة، تعاني  الفئات المتعلّمة التي تخرّجت في شُعَبٍ عمادُ التّدريس فيها باللّغة العربيّة  مثل شعبة العربيّة نفسها  وشُعب الفلسفة والشّريعة والعلوم الإنسانيّة من تاريخ وجغرافيا وعلم اجتماع وعلم نفس وعلوم تربية من انسداد آفاق التّشغيل وما ينجرّ عنه من تفشّي البطالة  في صفوف الشّباب الحامل للشهادات العليا .وهو وضع  من شأنه أن يسيء إلى اللّغة القوميّة، إذ يجعل صورتها في أذهان  الأجيال الصّاعدة مقترنة بالكساد وانعدام الجدوى .فيزداد إقبالهم ، لهذا السّبب، على تحصيل اللّغات الأجنبيّة بدلا منها .

ولعلّ من أخطر انعكاسات هذا الوضع على عقليّة المجتمع العربيّ اقتران التّحضّر والتمدّن في الأذهان بلغات الشّعوب المتقدّمة والشّعور بالنّقص في كلّ ما له صلة باللّغة العربيّة .وهو ما تسبّب في شيوع نمط هجين من الحديث يقوم على حشو الكلام العربيّ الدّارج  في لغة الحياة اليوميّة بألفاظ وعبارات أجنبيّة.وقد سمّاه بعضهم الفرنكوعربيّة والأنجلوعربيّة .ودلالته العميقة هي ضعف الشّعور بالانتماء إلى الأرومة العربيّة والاستلاب تجاه الغرب المتقدّم .

فما هي الأسباب العميقة لهذا الوضع المستمرّ منذ أكثر من قرن  ؟ ولماذا أخفق العرب حتّى الآن في إصلاحه ؟

1 – الأسباب الكامنة وراء هذا الوضع :

إنّ هذه الأسباب متعدّدة .وهي في منتهى التّعقّد والتّشابك ، إذ بعضها يفضي إلى بعض وما كان منها نتيجة قد يتحوّل هو نفسه إلى سبب .وهو ما يجعل تصنيفها في غاية الصّعوبة.لذلك نكتفي بتقسيمها، بوجه عامّ، إلى صنفين كبيرين: أسباب ذاتيّة داخليّة تتّصل بطبيعة العمل الجامعيّ من تدريس وبحث وأسباب خارجيّة ترجع إلى المحيط بجميع مستوياته : الحضاريّ والسيّاسيّ والاجتماعيّ والثّقافيّ والعلميّ .

 1 – 1 : الأسباب الذّاتية الدّاخليّة :

1 -1- 2  : الحرص على  حداثة التّكوين ومتانته :

يتجسّد هذا الحرص في تمسّك مدرّسي العلوم الصّحيحة والتّجريبيّة والتّقنية في الجامعات العربيّة بمبدإ لا مجال للتّنازل عنه .وهو تمكين طلبتهم من تكوين نظريّ وتطبيقيّ متين، مُحَيّن، مماثل لما يتلقّاه  طلبة هذه التخصّصات في جامعات البلدان المتقدّمة .ولا يكون ذلك إلاّ بمواكبة التّطوّر الحاصل فيها بهذه البلدان .وهو ما لا يمكن  التّعويل في حال القيام به  على اللّغة العربيّة، لعدم توفّر المصطلحات اللاّزمة والمصادر العلمية المترجمة إلى هذه اللّغة بالقدر الكافي. لذلك هم أمام خيارين لا ثالث لهما: فإمّا تخريج طلبة عرب متمكّنين من تلك العلوم لكن بلغة أجنبيّة وإمّا التّضحية بمستواهم المعرفيّ من أجل حملهم على استعمال لغتهم القوميّة في مجالات تخصّصهم .

1 – 1 -3 : صعوبة اضطلاع المدرّسين الجامعيّين بوضع المصطلحات التي يحتاجونها :

إذا بحثنا عن السّبب في غياب المصطلحات العربيّة المقابلة للمصطلحات الأجنبيّة في تلك العلوم بالقدر اللاّزم وجدناه على ضربين :أحدهما عمليّ والآخر ماديّ.فعمليّا يتعيّن تجنيد فرق كثيرة  تتألّف من  خيرة العلماء العرب المتخصّصين في العلوم الصّحيحة والتّقنية ومثلهم من المعجميّين تُوكل إلى كلّ فريق منها مهمّة ترجمة الجهاز الاصطلاحيّ لعلم معيّن  وفقا لأحدث ما جدّ فيه من مفاهيم ثمّ وضع هذا الجهاز باللّغتين  في مَسْرَد يوضع على ذّمة أساتذة الجامعات  وطلبتها.

وبتوفّر مثل هذه المسارد يصبح في مقدور الأساتذة تدريس موادّ تخصّصهم بلغة الضّاد إذا كانوا حاذقين لها ، كما تتيسّر مهمة المترجمين الذين يرومون نقل المصادر والمراجع العلميّة في تلك العلوم إلى اللّغة العربيّة .

لكنّ القيام بمثل هذا العمل شبه متعذّر في إطار الجامعات ،  لكثرة الفرق التي يُحتاج إلى تكوينها لهذا الغرض  ثمّ لضرورة أن يُعتمد في  اختيار تركيبتها المعيارُ القوميّ لا القطريّ ، لضمان أكثرِ ما يمكن من حظوظ النّجاح لأعمالها، إذ أثبتت التّجربة أنّ  أيّ مصطلح جديد يوضع في بلد عربيّ واحد نادرا ما يُقبل ويشيع  في الأقطار الأخرى.لكن ليس من المتيسّر جمع أعضاء تلك اللّجان لتمكينهم من العمل معا بحكم انتمائهم إلى أقطار مختلفة.أمّا تكليف لجان قطريّة بوضع مصطلحات جديدة فمن شأنه أن يزيد في استفحال تلك المعضلة البالغة التعقّد التي استعصت حتّى الآن على الحلّ.وهي تعدّد المصطلحات الدّالة على المفهوم الواحد أو على العكس الاشتراك اللّفظيّ الماثل في دلالة اللّفظ الواحد على أكثر من مفهوم. وخطرها هو ، بلا شك، تعطيل التّفاهم بين العلماء والمدرّسين العرب المنتمين إلى تخصّص واحد، فضلا عن طلبتهم لا سيّما في ما يُعدّونه من بحوث.

يضاف إلى ذلك ارتفاع تكلفة  النّشاط المصطلحيّ المنظّم  في مثل هذه التّخصّصات لكثرتها وتشعّبها ، سواء من ناحية  مكافآت المترجمين أو من جهة نشر ما تتمخّض عنه أعمالهم من مسارد وقواميس ، علما بأنّ المصطلحات التي تشتمل عليها هذه العلوم تعدُّ بمئات الآلاف وبأنّها لا تتوقّف عن الازدياد والتّضخّم ، تمشّيا مع النّسق الحثيث للبحث العلميّ في الغرب.وهو ما لا يجعل هذا النّشاط في متناول الجامعات التي لها مهامّ أوكد أهمّها تكوين الطّلبة نظريّا وتطبيقيّا وتهيئتهم ليكونوا عناصر فاعلة في المجتمع كلّ في ميدانه.

1 – 1 – 4: التّعاون مع الجامعات الأجنبيّة:

ومن الأسباب الأخرى لعدم تعريب العلوم الصّحيحة والتّجريبيّة والتّقنيّة في الجامعات العربيّة انتفاع الأقسام المدرّسة لتلك  العلوم بهذه الجامعات ، في الأغلب الأعمّ، من اتّفاقات شراكة تُبرم مع أقسام مماثلة في جامعات غربيّة .وتتجسّد هذه الاتّفاقات في تبادل المنشورات والأساتذة الزّائرين وإشراك بعضهم في مناقشة الأطروحات أو حتّى  في الإشراف عليها  مع أساتذة غربيّين  في إطار ما يسمّى إشرافا مزدوجا . ومثل هذا الاحتكاك بأهل التخصّص في البلدان المتقدّمة ينتفي بتعريب العلوم المذكورة، إذ يصبح المدرّسون والطّلبة في عزلة عمّا يجري في مجالات تخصّصهم بتلك البلدان.

1 – 1 – 5: حاجة  الجامعيّين العرب إلى النّشر في المجلاّت العلميّة الأجنبيّة المحكّمة :

إنّ المتخصّصين العرب في تلك العلوم لفي حاجة ملحّة إلى كتابة بحوثهم بالإنجليزيّة أو الفرنسيّة ونشرها في المجلاّت العلميّة الأجنبيّة المتخصّصة والمحكّمة الناطقة بتينك اللّغتين.وذلك لكي يطّلع عليها أهل التّخصّص في العالم المتقدّم ولتصبح مراجع يعتمدها الباحثون على نطاق عالميّ ، فضلا عمّا قد تفتحه في وجوه مؤلّفيها من أبواب الشّهرة والارتقاء المهنيّ  ولما يضمنه لهم النّشر في تلك المجلاّت من حماية لجهودهم الفكريّة ، إذ  تكون في مأمن من سطو السّاطين.وهو ما لا يتحقّق لهم لو نشروها في مجلاّت عربيّة .

1 – 1 – 6 : عدم  حذق مدرّسي العلوم الصّحيحة والتّجريبيّة والتّقنية اللّغة العربيّة :

إنّ من العوائق الأخرى التي تقف أيضا حاجزا دون تعريب هذه العلوم أنّ معظم الذين يدرّسونها من العرب قد تخرّجوا إمّا في جامعات غربيّة وإمّا في جامعات عربيّة لكن على أيدي أساتذة يدرّسونها بلغة أجنبيّة.وفي كلتا الحالتين هم غير قادرين على تدريسها بلغة الضّاد.ولا يمكن بأيّ حال تعويضهم بآخرين يحذقون  اللّغة العربيّة لكنّهم دون مستواهم المعرفيّ، كما ليس من المتيسّر حملهم على التمكّن من هذه اللّغة في وقت وجيز لاكتساب القدرة على استعمالها في التّدريس لأنّ حذق لغة يحتاج إلى وقت  طويل نسبيّا و إلى بذل جهد  كاف في تحصيلها .

1 – 2 :الأسباب الخارجيّة :

إلى جانب الأسباب  التي وصفناها ب” الذّاتية الدّاخليّة” التي حالت دون تعريب العلوم الصّحيحة والتّجريبيّة والتّقنيّة  في الجامعات العربيّة هناك أسباب متأتّية  من خارج  الفضاء الجامعيّ  تلتقي كلّها في  نتيجة واحدة هي ضعف الدّعم الذي يقدّمه المحيط لتعريب تلك العلوم أو حتّى غيابه تماما  .

1 – 2 – 1 : تخلّف  العرب العلميّ والتّكنولوجيّ :

إنّ أوّل هذه الأسباب التخلّف العلميّ والتّكنولوجيّ الذي يعاني منه العرب منذ قرون وما يجدونه اليوم من صعوبات فائقة في نقل أحدث المعارف والتّقنيّات التي تظهر في الغرب ،  فضلا عن المشاركة في إبداعها .وهو ما جعلهم في موقع المستهلك التّابع  لا المنتج القائم بذاته. وأخطر من هذا عجزهم حتّى في هذا الموقع عن المتابعة الشّاملة والفهم الجيّد الدقيق.وذلك  من جرّاء التّشعّب المستمرّ للعلوم الغربيّة الحديثة وعدم توفّر جهات عربيّة تُعهد إليها  مهمّة المواكبة الحينيّة  لهذه العلوم والاستيعاب السّريع لما يجدّ فيها .ومن ثمّة فإنّ ما نظفر به من محاولات  في تأليف المداخل التّعريفيّة  في هذه العلوم  باللّغة العربيّة إنّما يرجع إلى مبادرات فرديّة أو جماعيّة عَرَضيّة  متفرّقة .

1 – 2 – 3: : تشتّت جهود  المؤسّسات اللّغويّة العربيّة :

وهناك سبب آخر هو تشتّت جهود المجامع و الجمعيّات اللّغويّة العربيّة وغياب التّنسيق بينها وغلبة الطّابع القطريّ عليها. والحال أنّ
لغة واحدة تحتاج  مبدئيّا إلى مجمع واحد حتّى إن  تعدّدت الأقطار التي تتّخذها لغتها الرّسميّة. وهو ما نراه  مثلا من انضواء الكنديّين والبلجيكيّين والسّويسريّين تحت إمرة المجمع الفرنسيّ والانضباط لقراراته ، مع الإسهام في مناشطه، ممثَّلين  في هياكلهم الثّلاثة : المجلس الأعلى للّغة الفرنسيّة بالكيباك ( الكندا) ومجلس اللّغة الفرنسيّة  والسّياسة اللّغويّة ببلجيكا ولجنة اللّغة الفرنسيّة بسوسرا النّورمنديّة، على الرّغم من استقلالهم السّياسيّ عن الدولة الفرنسيّة (2) .وهو ما مكّن هذه اللّغة من التّطوّر مع الحفاظ على وحدة كيانها. لكنّنا لا نجد إلاّ عكس ذلك في الوطن العربيّ  حيث ينشِط كلّ مجمع على حدة  في القطر الذي ينتمي إليه ولا يعدّ  جلّ علماء الأقطار الأخرى وباحثيها ومدرّسيها أنفسهم معنيّين  بأعماله وقراراته .بل قد يقف هذا الموقف منها مثقّفون من القُطر نفسه.فيؤول الأمر بتلك الأعمال والقرارات  إلى القبوع فوق رفوف المكتبات. فلا تحصل منها الفائدة المرجوّة .

وهكذا فإلى جانب تشتّت  الجهود وانحباسها داخل أقطار بعينها تعاني المؤسّسات اللّغويّة من غياب التّشريعات التي تخوّل لها التّدخّل حتّى في أقطارها نفسها لإصلاح خطإ لغوي مّا في الكتب المدرسيّة أوفي وسائل الإعلام والإشهار  أو في المناشير الصّادرة عن أجهزة الدّولة أو لفرض مصطلح جديد من وضعها .وهي صلاحيات تتمتّع بها المجامع في البلدان المتقدّمة. فإذا كانت هذه هي حال المجامع في أقطارها فهل نطلب منها أن يكون لها تأثير مّا في الأقطار العربيّة الأخرى ؟

1 – 2 – 4: تخلّف القواميس العربيّة المختصّة :

يَعدّ تخلّف القواميس العربيّة المختصّة عن مواكبة التّطوّر العلميّ والتّقنيّ من أهمّ الأسباب أيضا لعدم تعريب العلوم الصّحيحة والتّجريبيّة والتّقنيّة في الجامعات العربيّة .ومردّه إلى عدم وجود قواميس عربيّة عتيدة  مواكبة لتطوّر اللّغة ومنتظمة التّحيين من شأنها أن تشدّ أزر المدرّسين الجامعيّين والطّلبة مثل قاموس المجمع الفرنسيّ (3) وقاموس أوكسفورد (4) وحتى قاموس لاروس(5) الذي تصدره مؤسّسة خاصّة  تجنّد ما يلزم من الفرق المتخصّصة كلّ في ميدان معيّن لوضع المصطلحات الدّالة على أحدث المفاهيم وإدراجها  مشفوعة بتعريفاتها في الطّبعة الموالية من القاموس لتوضع على ذمّة أهل التّخصّص والدّارسين والطّلبة وكلّ متعطّش للمعرفة.

1 – 2 – 5 : ضمور حركة التّرجمة في الوطن العربيّ :

إنّ العرب هم اليوم من أقلّ الأمم عناية بالتّرجمة وخاصّة في المجالات العلميّة والتقنيّة.”فقد بيّنت بعض الدّراسات أنّ ما أنتجه العرب من كتب مترجمة منذ عهد العبّاسيين إلى اليوم لا يضاهي ما تنتجه أقل الدّول الغربيّة تطوّرا في سنة واحدة” (6) وأنّ “معدّل المسافة الزّمنيّة التي تفصل بين الأثر العلميّ الأجنبيّ في لغته و ترجمته إلى لغة الضّاد ما يزيد على الثّلاثين عاما” (7) .يضاف إلى ذلكخضوع هذا النّشاط  في الوطن العربيّ للمبادرات الفرديّة والمزاجيّة و الفئويّة الضّيّقة وغلبة الطّابع التّجاريّ على جلّ ما يترجم إلى اللّغة العربيّة وغياب التّنسيق بين المترجمين .من ذلك أنّ كتاب دروس في اللّسانيات العامّة لفردينان دي سوسير تُرجم أربع مرّات دون أن يشير أيّ لاحق إلى أعمال من سبقه . وهو ما قد يدلّ على أنّه لم يطّلع عليها أو لم يسمع بها .

1 – 2 – 6:التّسيّب المتأتّي من سوء استعمال اللّغة العربيّة في الشّابكة :

يتجسّد هذا التّسيّب في تفشّي آفتين عند الأفراد العاديين هما:  استعمال اللّهجات الدّارجة وكتابة العربيّة بالحروف اللاّتينية.أمّا المواقع التي خُصّصت لللّغة العربيّة فإنّ المعظم الأغلب  منها لا تفي بالغرض المنشود ، إذ هي تحوي إمّا قواميس تراثيّة كاملة يجد غير المتخصّص مشقّة في العثور فيها على مراده وإمّا دروسا جامعيّة موجّهة إلى صنف من المتلقّين له مستوى تعليميّ معيّن وإمّا موادّ تعليميّة مدرسيّة تشكو اضطرابا منهجيّا وتشوبها أحيانا أخطاء معرفيّة .

1 – 2 – 7: غياب الإرادة السياسيّة لتعريب التّعليم العالي :

يتجلّى هذا الغياب في إسقاط جلّ السّياسيّين الممسكين بزمام السّلطة هذا الموضوع من شواغلهم وبرامجهم لأسباب  معلومة أهمّها استحالة الإقدام على  مثل هذا الإصلاح خارج الإطار العربيّ  والحرص على اجتناب  مطالبة المدرّسين  بما  لا طاقة لهم به ، إذ لا تتوفّر لديهم ،كما بيّنا،  الإمكانات والوسائل اللاّزمة لإنجازه والخوف من التّضحية بجيل أو أكثر من الأجيال الصّاعدة  في حال فشل التّجربة .

  Iا – الحلول الممكنة للخروج من هذا الوضع :

على الرّغم من هذه الصّورة القاتمة لوضع اللّغة العربيّة اليوم فإنّ تجارب أمم وشعوب أخرى في النّهوض بلغاتها وما حقّقته في هذا الاتجاه من نجاح بيّن يدلّ على أنّه أبعد من أن يكون قدَرًا محتوما وإنّما هو نتيجة موضوعيّة لتراكم أخطاء وممارسات سلبيّة  شتّى مع غياب الإرادة الجماعيّة القويّة لتغييره .

فقد بات مقرّرا اليوم أنّ التّخطيط اللّغويّ الحديث وما ينطوي عليه من مناهج فائقة الدّقّة وإستراتيجيات مُحكمة ناجعة لا يستعصي عليه توفير الحلول النّاجعة المناسبة لأوضاع أيّ لغة مهما كانت درجة تعقّدها.وهو ما تنبّهت إليه المنظّمة العربيّة للتّربية والثّقافة والعلوم فخصّصت له كتابا ضمن مشروعها للنّهوض باللّغة العربيّة نحو مجتمع المعرفة (8).ومن ثمّة فإنّ إصلاح حال اللّغة العربيّة لا يحتاج إلاّ إلى توفّر تلك الإرادة الجماعيّة شبه المفقودة .ومعناه أنّ أيّ مشروع للإصلاح في هذا الباب لا يكتب له النّجاح إلاّ في إطار عربيّ قولا وعملا .ولهذا الغرض يمكن أن تكون المنظّمة العربيّة للتّربية والثّقافة والعلوم الجهة الحاضنة لهذا المشروع، لا سيّما أنّ لها تجارب كثيرة مكثّفة في هذا المجال آخرها مشروع النّهوض باللّغة العربيّة نحو مجتمع المعرفة المتواصل بلا انقطاع منذ سنة 2009.

والحلول التي يمكن الأخذ بها هنا  هي أيضا على ضربين : ذاتيّة داخليّة وخارجيّة . فمن الصّنف الأوّل :

1 –  تعميم تعليم اللّغة العربيّة وإلزاميّته في  التّعليم العالي :

إنّ أيّ حلّ لمشكلات اللّغة العربيّة اليوم ينبغي أن ينطلق من التّعليم.وذلك  بوضع البرامج والمقرّرات التّعليميّة المناسبة  الكفيلة بتخريج أجيال من المتعلّمين يحذقون هذه اللّغة نطقا و قراءة وكتابة  في مراحل التّعليم الثّلاث الأولى : الابتدائيّ و الإعداديّ و الثّانويّ  ثمّ الاستمرار في دعم كفاياتهم و مكتسباتهم  فيها على نحو إلزاميّ مهما كانت المسالك التي يوجَّهون إليها  في مرحلة التّعليم العاليّ .وبذلك يصبح امتلاك اللّغة القوميّة ضروريّا للنّجاح في أيّ تخصّص يوجّه إليه الطّالب وكذلك للانتداب في أيّ رتبة من الرّتب الجامعيّة سواء زاول دراسته بجامعة عربيّة أو بجامعة أجنبيّة.ويمكن في أقصى الحالات إلزام المنتدبين ممّن تخرّجوا في جامعات أجنبيّة  بتلقّي دروس مكثّفة في اللّغة العربيّة تُشفع باختبار يتوقّف على نجاحهم فيه ترسيمهم في رتبتهم .وبهذا الإجراء يُقضَى نهائيا على ظاهرة  جهل المتخصّصين في العلوم عامّة للّغة العربيّة أو ضعفهم فيها أو استخفافهم بها ويصبح التّدريس بها في الشّعب العلميّة ممكنا بفضل حذق المدرّسين والطّلبة لها.

2 – تخصيص دروس إجباريّة للمصطلحيّة الإجرائيّة المختصّة :

نقصد ب”المصطلحيّة الإجرائيّة المختصّة” أن تُدرَّس لطلبة كلّ شعبة علميّة أو تقنيّة المصطلحات المتعلّقة بتخصّصهم .وذلك في شكل قوائم  ثلاثيّة : عربيّة و إنجليزيّة وفرنسيّة ليكونوا قادرين  من جهة على تلقّي دروس باللّغة العربيّة في موادّ تخصّصهم ومن جهة أخرى على قراءة مصادر هذه الموادّ  ومراجعها بلغاتها الأصليّة حتّى يسهل عليهم مواكبة التطوّر الحاصل فيها بأنفسهم .

ويمكن في مرحلة أولى مواصلة التّدريس باللّغات الأجنبيّة  بضع سنوات  في انتظار تخرّج الدفعات الأولى من حاملي الشّهادات العليا في تلك التّخّصصات ليتولّوا تدريسها باللّغة العربيّة .

على أنّ هذين الحلّين غير كافيين وحدهما، لصعوبة وضع المصطلحات الواجب تدريسها.وهو ما قد يتسبّب في فوضى مصطلحيّة واستعمال مصطلحات خاطئة لا تناسب المفاهيم التي وُضعت للدلالة عليها . وهذا ما يوجب اضطلاع المحيط  بالدّور الأوّل في هذا المضمار.وذلك ب :

3  – تجميع المصطلحات العلميّة والتّقنيّة العربية الحديثة وتقييسها :

لقد بذل اللّغويون العرب منذ أواخر القرن التّاسع عشر جهودا كبرى  من أجل وصل اللّغة العربيّة  بالعلوم الغربيّة  الحديثة وتطويعها للتّعبير عن معطيات حضارة  العصر. وقد أسهم في هذه الجهود علماء أفراد كثيرون  وهيئات علميّة  متعدّدة، منها  مجامع دمشق والقاهرة  وبغداد  وعَمّان ومكتب تنسيق التّعريب بالرّباط وخلايا بحث كثيرة في جلّ الجامعات العربيّة  .

وقد أفضت هذه الجهود إلى تشكّل مدوّنة  مهمّة من المداخل التعريفيّة والقواميس و المسارد المترجمة إلى اللّغة العربيّة في مختلف العلوم  الحديثة ، إلاّ أنّها بقيت مشتّتة فظلّت  معظم المصطلحات الواردة فيها متناثرة وبعضها في طيّ النّسيان لعدم شيوعها في الاستعمال على نطاق عربيّ .وهو ما يوجب اليوم جمعها وتخزينها وتقييسها لانتخاب أدقّها وأصحّها وأنسبها إلى المفاهيم التي وُضعت لها. فإذا ما تحقّق هذا العمل التّجميعيّ والتّقييسيّ في كلّ علم اتُّخِذ منطلقا يضاف إليه  على نحو منتظم ما يجدّ من مصطلحات جديدة.وهذا يقودنا إلى اقتراح الحلّ الموالي .وهو  إنشاء مرصد لغوي عربي .

4 –  إنشاء مرصد لغويّ عربيّ :

من حاجات اللّغة العربيّة الملحّة  اليوم بالنّظر إلى سعة الرّقعة التي تستعمل فيها وإلى حالة التّشتّت التي عليها جهود الباحثين اللّغويين العرب  اليوم  إحداث مرصد لغويّ عربيّ  يسهر على المتابعة  الدّقيقة لكلّ ما يظهر من  مؤلّفات وفصول مفردة في  مختلف فروع المعرفة .وذلك لالتقاط ما يشيع فيها من ألفاظ وتراكيب وتعابير جديدة .فتٌنظّم وفقا للميادين التي تتعلّق بها ثمّ تُخزّن وتوضع على ذمّة الباحثين الأفراد والمجامع والجمعيّات والهيئات العلميّة اللّغويّة والمؤسّسات القاموسيّة لتدارسها والنّظر في إمكان إقرار ما هو صالح ومناسب  منها .

وبالنّظر إلى ما يسود وضع المصطلحات العربيّة اليوم من تداخل وتشابك وفوضى لا سيّما في مجال النّشاط العلميّ والتّعليميّ ترجمة وتعريفا وبحثا وتدريسا فقد آن الأوان لإحداث مرصد عربيّ مركزيّ توصل به لجان لغوية قطريّة ، تتحدّد مهامّها في :

  • حصر المؤلّفات العلميّة الغربيّة التي تُرجمت إلى اللّغة العربيّة والمداخل التّعريفيّة العربيّة بالعلوم الحديثة ، سواء  المطبوعة منها أو المخطوطة ، الصّادرة في شكل كتب أو مقالات بمجلاّت متخصّصة  وتجميعها وتنظيمها وفهرستها ورقيّا وألكترونيا .
  • تجميع المصطلحات العلميّة والتّقنيّة العربيّة الحديثة التي ظهرت منذ نهاية القرن التّاسع عشر بالبلاد العربيّة وخارجها وتنظيمها حسب  العلوم  المختلفة وسائر ميادين النّشاط الإنسانيّ .
  • المتابعة الدقيقة المُمَنهجة لكلّ ما يجدّ من نظريّات ومفاهيم علميّة عند الشّعوب المتقدّمة ونقلها  فورا إلى اللّغة العربيّة ترجمة وتعريفا .
  • رصد كلّ ما يظهر من ألفاظ جديدة في اللّغة العربيّة بالتّجريد الشّامل لمختلف المنشورات العلميّة العربيّة والاحتفاظ بما يتردّد منها في عدد معيّن من تلك المنشورات  قصد النّظر في إمكان إدراجه في الطّبعات القادمة من القواميس العربية .

5 –  إنشاء جهاز عربيّ لوضع  المصطلحات وتقييسها:

إنّ إنشاء جهاز عربيّ موحّد لوضع  المصطلحات وتقييسها أضحى  ضرورة ملحّة لتمكين اللّغة العربيّة من مواكبة التّطوّر العلميّ والتّكنولوجيّ وللقضاء نهائيّا على ظاهرة تعدّد المصطلحات للمفهوم الواحد واستخدام المصطلح الواحد للدّلالة على أكثر من مفهوم .ويتولّى هذا الجهاز تكوين لجان متخصّصة في مختلف العلوم الحديثة تضمّ  كلّ لجنة منها أسماء بارزة من أهل التّخصّص والمعجميّين يعملون جنبا إلى جنب و تتحدّد مهمّتهم أساسا في التّقييس لانتخاب أنسب المصطلحات وأدقّها وأصحّها. ويمكن لهذا الجهاز أن يضع قوائم المصطلحات التي تُجمّع فيه وتُقيّس   على الشّابكة  ،لتيسير انتشارها ووصولها إلى المترجمين والمدرّسين والطّلبة في أسرع وقت ممكن.ويمكن الاستئناس في هذا الصّدد بالدور الذي يضطلع به  جهاز إغناء اللّغة الفرنسيّة.وهو هيكل لغويّ متخصّص أحدث رسميّا سنة 1996وحدّدت مهمّته في ضبط  الحاجات المصطلحيّة  في ما له صلة بالحياة الاقتصاديّة والبحوث  العلميّة والنشاط التّقني والحقوقيّ وغيرها (9)، كما يمكن الإفادة من المنهجيّة التي اقترحها الأستاذ محمّد رشاد الحمزاوي منذ ثمانينات القرن الماضي وسمّاها منهجيّة التّنميط (10) .

6 –  إنشاء مؤسّسة قاموسيّة عربيّة عتيدة :

نقصد ب”المؤسّسة القاموسيّة العربيّة” ألاّ تكون هذه المؤسّسة قُطْريّة ولا خاصّة.وذلك لكي تسهم في توحيد المصطلح العربيّ  ونشره على نطاق عربيّ وب”عتيدة” أن تكون لها من القدرات الماليّة والبشريّة والعلميّة ما يسمح لها بتغطية جلّ العلوم الحديثة بإصدار قواميس متخصّصة فيها ، زيادة على وضع قاموس عامّ يُحيّين على نحو منتظم مثل قاموس المجمع الفرنسيّ أو قاموس أوكسفورد ،حتّى يواكب التّطوّر العلميّ والتكنولوجيّ والحضاريّ العامّالذي تحقّقه الإنسانيّة ويسهم في تحسين التّعليم الابتدائيّ والإعداديّ والثّانويّ الذي يواجه فيه المدرّسون والتّلاميذ  نقصا فادحا في المصطلحات العلميّة والتّقنيّة، حتى البسيطة منها.ويتجسّد هذا النّقص في افتقار القواميس العربيّة  المتوفّرة حاليّا  إلى القدر الأدنى  من الألفاظ المعبّرة عن المفاهيم العلميّة ومنتجات الحضارة الحديثة ، لاسيما في مجالات الأدوات والتّقنيات والأدوية والملابس والمآكل و التّرفيه والوظائف الإداريّة  وما إليها ، على الرغم من انتشارها الواسع في جلّ الأقطار العربية وحضورها المكثّف في البيت والمحيط الاجتماعيّ  حيث تستعمل في تسميتها إمّا أسماؤها الأجنبيّة كما هي وإمّا مُعدّلة صوتيّا طبقا لخصائص الدّوارج المحلّية.وهو ما يوجب اتّخاذ تدابير عمليّة عاجلة  في المستوى القوميّ لإنشاء هذه المؤسّسة القاموسيّة العتيدة المنشودة  القادرة وحدها على وضع حدّ لحالة الفقر المدقع التي يشكوها القواميس العربيّة الحديثة .

7 –  إنشاء هيكل للتنسيق بين المجامع العربيّة :

لا شكّ في أنّ المثاليّ هوأن يسهر على شؤون اللّغة العربيّة مجمع واحد أوحد.لكن ذلك صعب التّحقيق لوجود مجامع قطريّة، لبعضها تاريخ يمتدّ على عدّة عقود .ولعلّ المعقول والعمليّ هو إنشاء هيكل يضطلع بمهمّة التّنسيق بينها تتكوّن هيئته من ممثّلين لها ولكلّ الأقطار العربيّة التي ليست فيها مجامع  وتكون قرارات هذا الهيكل  موحّدة وملزِمة  معنويّا على الأقلّ لكلّ العرب.ولابدّ من التّذكير بأنّ هذه الفكرة ليست جديدة. بل هي التي كانت وراء تأسيس اتّحاد المجامع العربيّة سنة 1971 .لكنّه ظلّ ، مع الأسف، هيكلا  صوريّا إلى أن انقطعت أخباره  تماما . وفشل هذه التّجربة تدلّ على الصّعوبات الفائقة التي تقف عرضة دون إدخال مثل هذا الحلّ حيّز التّنفيذ .لكنّ التّدهور المستمرّ لوضع اللّغة العربيّة من جرّاء تعدّد المجامع وسائر المؤسّسات اللّغوية الرّسميّة يفرض إمّا إحياء هذا الاتّحاد وإمّا إحداث هيكل آخر تسند إليه المهمة نفسها.

8 – نشاء هيكل لغويّ يعنى باللّغة في كلّ الحكومات العربيّة :

تحظى لغات الشّعوب المتقدّمة بحماية تشريعيّة تتجسّد في قوانين صارمة تتيح لها إمكان التدخّل كلّما انتهكت قواعدها  سواء في وسائل الإعلام أو في الكتب الصّادرة عن دور النّشر أو في معلّقات الإشهار.ففي فرنسا ، مثلا، يضطلع المجلس الأعلى للّغة الفرنسيّة بنصح الحكومة في كلّ ما له علاقة بحماية اللّغة القوميّة والنّهوض بها  ويرأس هذا المجلس الوزير الأوّل نفسه ويضمّ ضمن هيئته ممثّلين للمجمع الفرنسيّ.ولكنّ قراراته لا تدخل حيّز التّنفيذ إلاّ بعد أن يصادق عليها المجمع.فتصدر حينئذ في الرّائد الرّسميّ للجمهوريّة الفرنسيّة  (11) .وذلك لتكون هذه اللّغة  تحت حماية السّلطتين السياسيّة والعلميّة معا . لكنّ اللّغة العربيّة لا تتمتّع في أي قطر عربيّبأيّ حماية من هذا القبيل. وهو ما جعلها تتعرّض على نحو مكثّف  للتّشويه والمسخ . فعلى الرّغم من أنّها اللّغة الرّسميّة لكلّ الدّول العربيّة  فإنّها  في الواقع اليوميّ المحسوس لا تحظى بهذه المكانة حيث تزاحمها اللّغات الأجنبيّة لاسيّما لغة المستعمر السّابق في الميادين الاقتصاديّة والمصرفيّة والتّربويّة والإعلاميّة ولافتات المحالّ العموميّة من مبانٍ إدارية و مقاهٍ ومتاجر ومنتزهات وغيرها  ، كما تضايقها اللّهجات المحلية في الخطب السّياسية ووسائل الإعلام ومعلّقات الإشهار.

وقد أدى هذا الوضع إلى تقلص مجالات استعمالها وفرصه . وهو ما جعل  الكثيرين من أبناء الأجيال  العربيّة الصاعدة لا يمتلكون  الحدّ الأدنى من المهارات اللاّزمة للتحدّث بلغتهم القوميّة وكتابتها وحتّى قراءتها أحيانا .وهذا ما يدعو العرب  بكلّ إلحاح إلى النّسج على منوال الغربيّين بوضع تشريعات تحمي لغتهم القوميّة.

فلمواجهة النّقائص التي تشكوها اللّغة العربيّة على الشّابكة يتعيّن  إنشاء مجموعة من المواقع الألكترونيّة  اللّغوية الراقية معرفيّا، المتطورّة تقنيّا ،  ، يُوجّه بعضها إلى  جميع العرب  داخل الوطن العربيّ وخارجه من كلّ الفئات العمريّة والمستويات التّعليميّة وبعضها إلى فئات بعينها.من هذه المواقع  موقع خاصّ بالعبارات العربيّة . وذلك  بالنّظر إلى تفشّي الأخطاء التّعبيريّة  على نحو متزايد في اللّغة العربيّة اليوم. والمعظم الأغلب من هذه الأخطاء منجرّ عن جهل المتكلّم ما يسمّى العبارات الاصطلاحيّة (12). وهي التي تتألّف من  لفظين متلازمين فأكثر . وهي نوعان رئيسان : المتلازِمات اللّفظيّة والعبارات المسكوكة  . فالأولى تتكوّن غالبا من لفظين جرى الاستعمال  في لغة الفصحاء بترافقهما الدّائم أو شبه الدائم  نحو : ” فقر مُدْقِع ” – “فشل ذَرِيع ” – ” ثاقب الرّأي ”  “سهل المعاشرة ” – “تفشّى المرضُ” – “تفاقمت  الأزمة ” – “ﺴﺎﻕَمثالا ” – ” ﺃﺠﺭﻯﺒﺤﺜﺎ” – ” لا يألو فلان جهدا ”  “أخلى سبيله”. أمّا  العبارات المسكوكة فهي وإن كانت تشترك مع المتلازمات اللّفظية  من جهة تصاحب وحداتها فهي تختلف عنها من حيث دلالتها على معنى  مجازيّ نحو : “اختلط الحابل بالنّابل”  أي :  اضطرب الأمر – “قلَبَ له ظهرَ المِجَنّ- أي : انقلب ضِدَّه وعاداه بعد مودّة.  –  ضرب به عُرْض الحائط أي :  أهمله ولم يهتمّ به، ولم يُلْقِ له بالاً – ” وضعت الحرب أوزارها” أي: توقّفت .”أثلج الخبر صدره” أي :سرَّه وطمأنه وفرَّحه .

ولقد قدّر بعض الباحثين أنّ نسبة هذه العبارات بنوعيها في اللّغة العربيّة تقارب الأربعين في المائة من مجموع العبارات المستعملة فيها . وهو ما يجعل الإلمام بقدر مهمّ منها ضروريّا لمعرفة هذه اللّغة وحذق استخدامها .

ومن المواقع المفيدة في هذا الصّدد موقع للمترادفات في اللّغة العربيّة.وذلك لأنّ أكثر هذه المترادفات من قبيل التّرادف الجزئيّ كالفرق بين لفظي “الاستفهام”و”السّؤال”. فالأوّل لا يكون إلاّ عمّا لا يعرفه  المستفهِم  أو يشكّ فيه على حين أنّ  السّؤال يكون عمّا يعلم  السّائل وعمّا لا يعلم.والفرق بين “الاختصار” و”الإيجاز” : فالاختصار هو عمليّة تجرى  على كلام مطوّل موجود من قبل .أما الإيجاز فهو أن تعبّر عن قصدك  بأقلّ ما يمكن من الألفاظ.وهذا ما يسهم في القضاء التّدريجيّ على معضلة الفهم التّقريبيّ لمعاني الكلمات. وهي من أشدّ المعضلات التي تواجهها اللّغات اليوم – ومنها اللّغة العربيّة – من جرّاء العزوف المتزايد عن المطالعة . وها إنّ الشابكة تتيح لنا إمكان التّصدّي لهذه المعضلة  وتذليلها .

ومن المفيد أيضا إحداث موقع خاصّ بتصريف الأفعال وآخر بتصحيح الأخطاء الشّائعة وثالث  لما يسمّى ” أشواك اللّغة ” (Les épines de la langue )  .وهي  مجموع الظّواهر الإملائيّة والتّصريفيّة والإعرابيّة والتّركيبيّة والأسلوبيّة التي تؤلّف  أشدّ الصّعوبات في اللّغة العربيّة . وهذه الظّواهر هي التي تتواتر فيها أخطاء متعلّميها وحتّى معلّميها في جميع مستويات التّعليم .ومردّ صعوبة الإلمام بها وترسّخها في الذّهن إلى خروجها عن القياس أوالى  خفائه فيها .

وبالإضافة إلى هذه المواقع تحتاج اللّغة العربيّة اليوم  إلى أعداد وافرة من المدوّنين  المتميّزين الذين يتمتّعون بكفاية تقنيّة عالية في هذا الميدان مع امتلاك  جيّد للّغة العربيّة.وذلك للزّيادة في المحتوى الرّقميّ العربيّ على الشّابكة وتطويره ، على أن يكون هؤلاء المدوّنون منتمين إلى تخصّصات مختلفة  ومتكاملة تغطّي أهمّ ميادين النّشاط الإنسانيّ في العالم العربيّ.

 

الخاتمة :

تلك هي صورة إجماليّة  مصغّرة لواقع اللّغة العربيّة الرّاهن ومجموعة من الحلول الكفيلة بتغييره في اتّجاه الأفضل كما يراها مدرّس مدرّسيها وباحث تزيد تجربته في تدريسها ودراستها على الأربعة عقود. ولئن كان الكثير ممّا جاء في هذه الورقة قد قيل سابقا في مؤتمرات كثيرة  فإنّ  عدم  دخوله حيّز التّنفيذ  يجعل العودة إليه اليوم أو حتّى غدا ضرورة ملحّة ، إذ ما دامت ثمّة مشكلات قائمة بمثل هذه الحدّة فلا بدّ من استمرار البحث لها عن حلّ، لاسّيما أنّ  اللّغة هي أحد مقوّمات الهويّة الرّئيسة إلى جانب الأرض والتّاريخ والدّين.

ولعلّ هذا الملتقى الذي يشارك فيه ممثلّون لمؤسّسات لغويّة عربيّة عتيدة تتمخّض عنه قرارات عمليّة من شأنها أن تحرّك السّواكن فتكون لها نتائج إيجابيّة محسوسة خاصّة أنّ الجهة التي تنظّمه – وهي المنظّمة العربيّة للتّربية والثّقافة والعلوم –  لم تفتأ منذ إنشائها تبرهن، بما صمّمته ولا تزال من مشروعات ترمي إلى النّهوض  باللّغة العربيّة، على التزامها بخدمة هذه اللّغة والسّعي إلى إحلالها المحلّ الذي يليق بها بين أكثر اللّغات انتشارا في العالم .

الهوامش :

1 – للتّوسّع في هذا الموضوع انظر : المنظّمة العربيّة للتّربية والثّقافة والعلوم،خطّة تنفيذيّة للارتقاء بواقع اللّغة العربيّة في وسائل الإعلام والإشهار،إعداد : فرحات الدريسي ومحمد صالح بن عم رومصطفى حسن ، تونس2011  192 ص .

2 – من ذلك موافقة  هذه الهياكل على قرارات هذا المجمع الصّادرة بالرّائد الرّسميّ للجمهورية الفرنسيّة بتاريخ 6 ديسمبر 1990والمتعلّقة بإدخال تعديلات على قواعد الرّسم  منها حذف الخطّ الجامع داخل بعض الكلمات المركّبة نحو : (  Porte-feuille  portefeuille) و إثبات علامة الجمع Sفي أواخر الألفاظ المركّبة نحو:  (des pèse-lettre  des pèse-lettres  ) وفي أواخر الألفاظ المقترضة نحو : ( des impresario  des impresarios . راجع : الموقع الرّسميّ للمجمع الفرنسيّ والمواقع الرّسمية لهذه الهياكل:

Site web de l’Académie française http://www.academie-francaise.fr

Site web du Conseil supérieur de la langue française au Québechttp://www.cslf.gouv.qc.ca/

Site web du Conseil de la langue française et de la politique linguistique en Belgiquehttp://www.lettresetlivre.cfwb.be/?id=9

Suisse romande, la Délégation à la langue françaisehttp://www.dlf-suisse.ch/

3 – تأسّس هذا القاموس سنة 1694.وتوقّف عن الصّدور سنة  1935 طيلة سبع وأربعين سنة .ثمّ  عاد إلى الظّهور سنة 1992 .فصدرت منه إلى حدّ الآن الأجزاء الثّلاثة الأولى من طبعته التّاسعة .وستشتمل هذه الطّبعة على  28000 كلمة جديدة  هي  عبارة عن مصلحات علميّة وتقنيّة وألفاظ حضاريّة يتصل بعضها بميادين مستحدثة تماما مثل علم الجينات  والكيمياء البيولوجيّة والكيمياء البتروليّة والفيزياء الذّرّيّة والإعلاميّة .انظر في ذلك انظر : الموقع الرّسميّ للمجمع الفرنسيّ ، الركن : القاموس  Le dictionnaire

http://www.academie-francaise.fr/le-dictionnaire/la-9e-edition

4 – قاموس أوكسفورد للّغة الإنجليزيّة تصدره على نحو منتظم جامعة أوكسفورد منذ سنة 1928.وهو معجم تاريخيّ يتألف من عشرين مجلّدا ويشتمل على ألفاظ مستعملة في المملكة البريطانيّة ومختلف البلدان والمناطق الانقلوفونيّة :أمريكا الشّماليّة وإفريقيا الجنوبيّة وأستراليا وزيلاندا الجديدة وجزر الكارييب .لذلك يوضّح  مصدر كلّ لفظ وتاريخه وطريقة نطقه.ومنه قاموس مختصر في مجلّدين عنوانه قاموس أوكسفور الصّغير للّغة الإنجليزيّة وعدّة قواميس أخرى بعضها وحيد اللّغة موجه إلى المتعلّمين الأجانب وبعضها مزدوج .انظر في ذلك الموقع  الرسميّ لقاموسأوكسفورد :

http://fr.wikipedia.org/wiki/Oxford_English_Dictionary

5 – أسّس هذا القاموس  المعجميّ الفرنسيّ بيار لاروس سنة 1852.وقد  نشأت انطلاقا منه  مؤسّسة كاملة تسمّى دار لاروس للنّشر لم تنفكّ عن النّماء والتّوسّع .فأصدرت ضروبا شتّى من القواميس والموسوعات تجاوز بعضها الطّبعة المائة أكثرها انتشارا لاروس الصّغير المصوّر Petit Larousse illustréالذي تشتمل طبعته الأخيرة على 135000 تعريفا . انظر في ذلك الموقع الرسمي  لقاموس لاروس :

http://www.larousse.fr/dictionnaires/francai

6 -انظر :  المنظّمة العربيّة للتّربية والثّقافة والعلوم ،إعداد : لطوف العبد الله ومحمّد صالح بن عمر وعبدالرزاق بنّور والمختار كريّم وسامي الحبّوبي   موقع قاعدة بيانات اللّغة العربيّة ، فصل ” الترجمة”.

http://www.alecso-arabiclanguage.com/

7 – انظر: المنظّمة العربيّة للتّربية والثّقافة والعلوم،السّياسات اللّغوية للّغة العربيّة ، إعداد : شكري المبخوت وخالد الوغلاني ومحمّد الشيباني ، تونس 2010.

8 – أنشئ هذا الجهاز بقرار مؤرّخ في 3 جويلية 1996 .وهو جهاز حكوميّ لكن يشارك في أعماله المجمع الفرنسيّ  ، إضافة إلى قراراته لا تصبح نافذة المفعول إلاّ إذا صادق عليها هذا المجمع وصدرت في الرّائد الرّسميّ .انظر في ذلك  الرّكن المخصّص لهذا الجهاز في موقع وزارة الثّقافة والاتّصال الفرنسيّة :

Le dispositif d’enrichissement de la langue françaisehttp://www.culture.gouv.fr/culture/dglf/terminologie/termino_sommaire_enrichissement.htm

9 – انظر:  المنظّمة العربيّة للتّربية والثّقافة والعلوم،الخطّة العامّة لتعريب التّعليم ، إعداد ، محمود أحمد السّيّد ، تونس 2011.

10 – انظر: الحمزاوي ( محمّد رشاد)،”منهجية لتنميط مداخل المعجم : أسسها ومقاييسها “، مجلّة “المعجميّة” ، العدد 1 ، تونس 1985 ص ص 17 – 27.

11 – انظر الموقع الرسميّ لهذا المجلس :

http://www.culture.gouv.fr/culture/dglf/politique-langue/cslf-accueil.html

12 – انظر مثلا:

صيني (محمود إسماعيل )  وآخرون، المعجم السياقي للتعبيرات الاصطلاحية مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، 1996.

قويدر (حسين   ) ، العبارة الاصطلاحية في اللغة العربية: ماهيتها، خصائصها، مصادرها، أصنافها ، دار كنان  ، دمشق 2000

قيقانو (أنطون )  ،  معجم التعابير ، ، مكتبة لبنان، بيروت، 2002.

دمياطي (محمد عفيف الدين ) ،  التعبيرات الاصطلاحية: مفهومها ودوافعها ومصادرها وأنماطها التركيبية  ، مقال منشور على الشابكة ، الرابط :http://lughaarabiyyah.blogspot.com/2009/06/blog-post_22.htm

كامل(وفاء فايد ) بعض صور التعبيرات الاصطلاحية في العربية المعاصرة،  مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق ، م 78 ، جزء 4  ، دمشق 2003 ص ص 895 – 905

ھﻠﯿل (ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺣﻠﻤﻲ ) ، ﻧﺤﻮ ﻣﻌﺠﻢ ﻋﺮﺑﻲ ﻣﻌﺎﺻﺮ ، اﻻﺟﺘﻤـــﺎع اﻟﺜﺎﻧـــﻲ ﻟﺨﺒﺮاء اﻟﻤﻌﺠــﻢ اﻟﺤﺎﺳﻮﺑﻲ ﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿــﺔ  ، ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ، ﺃﺑﺮﻳﻞ 2008

أبو سعد ( أحمد )  ، معجم التراكيب والعبارات الاصطلاحية القديم منها والمولد ، دار العلم للملابين، بيروت 2009

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*