مذكّرات ناقد: المجموعة الشّعرية التي تسبّبت في منع برنامج تلفزيّ

في سنة 1971 كنت طالبا بكليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بتونس ( كلّيّة العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة بتونس اليوم) .وكان من أساتذتي الأستاذ محمّد رشاد الحمزاوي الذي كان يدرّسنا علم المعجميّة وكان منذ الخمسينات روائيّا وقصّاصا معروفا.وفي بداية السّبعينات كان ينتج للتّلفزة برنامجا عنوانه ” أثرٌ وصاحبُه” يدير في كلّ حصة من حصصه حوارا حول كتاب من الكتب الحديثة الصّدور بين مؤلّفه ومجموعة من الضّيوف.
ذات يوم ،بينما كان خارجا من الكلّية إذ وجدني عند بابها. فسلّمني دعوة مكتوبة بخطّه إلى برنامجه وكان ينوي إرسالها إليّ بالبريد.وهي التي أرفقت هذا المقال بصورة منها.
في الموعد المحدّد كنت في المكان الذي ذكره في رسالته. فوجدته في رفقة الشّاعر محمّد الحبيب الزّنّاد الذي خصّص له الحصّة والنّاقد أحمد حاذق العُرف والشّاعر الطّاهر الهمّامي والقصّاص والكاتب المسرحيّ سمير العيّادي وأستاذ علم الاجتماع رضا بو كراع ليشاركوا في النّقاش.
وكان الكتاب الذي دعينا إلى التّحاور في شأنه مجموعة شعريّة عنوانها المجزوم بلم لمحمّد الحبيب الزّنّاد كانت قد صدرت منذ وقت وجيز عن دار الثّقافة ابن خلدون في سلسة يشرف عليها سمير العيّادي.
لقد استغرقت الحصّة التي كانت مسجّلة ساعة، تبادلنا فيها وجهات النّظر في شأن محتوى الكتاب وأسلوب صاحبه ولم يتطرّق أيّ منها إلى السّياسة ،لا تصريحا ولا تلميحا لسبب بديهيّ هو أن لا علاقة لها بالسّياسة .
ومع ذلك فقد منعت تلك الحصّة بل ألغي برنامج “أثر وصاحبه” برمّته.
بعد بضعة أسابيع سألت أستاذي محمّد رشاد الحمزاي إن كان يعلم شيئا عن أسباب تلك الضربة الخفيّة المصدر وغير المبرّرة منطقا .فأجابني بأن لا فائدة في إلقاء سؤال كهذا على المسؤولين في مؤسّسة الإذاعة والتلفزة لأن لا أحد منهم سيجيب عنه.
لقد مرّت بعد ذلك عدّة سنوات ولم يعرف أحد من هم أصحاب تلك الفعلة وماذا كانت دوافعهم من إتيانها.

بعد ذلك لم تطأ قدماي دار الإذاعة والتّلفزة حتّى سنة 1988 حين دعاني الرّوائيّ مصطفي المدايني إلى حصة من برنامج ثقافيّ كان ينتجه  وعنوانه “أبعد المسافات ” لتقديم مجموعة محمود طرشونة القصصيّة ” نوافذ”.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*