مَا جَدْوَى صَفْقَةُ العُمْرِ بِبيَاضٍ؟: عبد اللّطيف رعري – شاعر مغربيّ – مونتبوليي – فرنسا

عبد اللّطيف رعري

 

مَا جَدْوَى

أن أمُوتَ في أكثرِ مِنْ فَصْلٍ

 عَلَى قارِعةِ ذاكرٍة تتَّهِمُنِي بالفَشلِ….

 وتنعتني بصِفَة لآخِرِ مُتَلاشِياتٍ غريبةٍ

علَى حَافةِ نَافِذةٍ

تُطلُّ بنُورِها علَى كِسرَة خُبزٍ

 تُغَالِبُ بِمَا لَهَا أسْرَابَ النَّمْلِ ..

وتَهُشُّ بمِنْدِيلهَا عَلَى خَشْخاشَةٍ صَامِدَةٍ ..

عَزَاءً للسَّيلِ الجَارِفِ عنْدَ مُفتَرقِ النّسْيانِ …؟

وذَاكَ الصّقرُ الهَاربُ

 مِنْ مَتاهَاتِ الجِدَالِ في ظلِّ قَصَبَةٍ

جَاحَ مِنْ وَرَاءِها النَّهْرُ …

وتلوَّى طَيفُ الأصْبُعِ بأعْرَاشٍ شَائكَةٍ

يَبْرمُ صَفْقَةَ العُمْرِ بِبيَاضِ العَيْنِ

قُبيْلَ حُدُوثِ البَلاَءِ الأحْمَرِ ..

مَا جَدوَى

 أن أكونَ أشدَّ الأشْباحِ حُمْرةً

 وألاّ أمُدَّ يدِي لِوَمْضٍ إلاَّ وَالنَّارُ تَلفَعُنِي؟

 أنْسَّلُ مِنْ زَوَايَا الرُّوحِ لأَهِيم فِي سَوَادِي

تضَايقُ الصُّخُورُ مُهْجَتِي

وَتتَهَجَّانِي الألقَابُ

يَسْطعُ كَوكَبِي خَجَلاً فتبَرُقُ الأعْطَابُ

مَا جَدْوَى

أن أكونَ إنْسيًّا بِهيبةِ جِنِّيٍّ

 وَألاَّ تَسْتَكِينَ قَوَاعِدِي عَلَى شُرُفَاتِ القُصُورٍ

 وَألاَّ تُغْمَضَ جُفُونِي عَلىَ حَقٍّ

 إلِّا وَجَاءَنِي الهُدْهُدُ بِسلاَمٍ …

لأتَيقَّنُ أنَّ فِي أدْرَاجِي مِفصلاً منِ النَّارِ

 حتَّى وَإنْ ضَمَّتنِي مُلهِمتِي بِجَفَاءِ القُبُورِ

وجَعَلَ منِّي الأرَقُ سُبْحَةً لِلاسْتِغْفارِ ….؟

وتلكَ الصَّلواتُ هُدْنةٌ بينِي ومَنْ عَلاَنِي …

لا عَلى جُرفٍ هَشٍ يَرْقبُ شَتاتِي …

ما جَدْوَى

أن أكونَ الشَّاعِرَ المُشَاكِسَ

أتحايلُ على عقمِ اللّغَاتِ لألدَ بَهاءً للصُّورِ

ويَرَاني الأعْمَى فِي سَفرِي خفقةَ بَرقٍ لا تُرْعِدُ

نَفْحَةَ عِطْرٍ لَا تَصْعدُ  

نَسْمةَ فجْرٍ يهْجُرُهَا الَّطيرُ وَلاَ تتَصيَّدُ؟

فَكيْفَ اليَومَ لِمَنْ يَتْلُو حُرُوفِي أنْ يصيرَ مُرِيدِي…؟

وَمِنْ لاَ جَدْوَى الأشْيَاءِ تكُونُ الجَدْوَى …

وَمنْ شَكْوَانَا لِلأُفُقِ أعْناقٌ تَتدَلَّى

وَبَدلَ الشَّتِيمَةِ واحْمِرَارِ الوُجُوهِ

رَحْمةُ اللهِ ستَتَجَلَّى….

مَا جَدْوَى

أن أكونَ العاشقُ لتَمَثُّلاتِي الكَونيَّةِ

 أصُّدُ أذْرُعِي لِصَعقَةِ العَاصِفَاتِ

 أفَاجِئُ اللَّيْلَ بِقندِيلِ السَّاحِراتِ …

أمُدُّ النَّهرَ سَلامِي وأنفُثُ في قعْرِهِ أوْجَاعِي…

أفرَحُ مَعَ النّهارِ بِضِياءِ الشَّمْسِ

 فأحْتمِي بِمِظَلتِّي

 وأقْطعُ نخِيلَ الوَاحَاتِ تحَسُّبًا لبَرْدٍ قاسٍ

 فأكْشِفُ لِلغِرْبانِ وَقَارَ الأرْضِ وَلَا أبَالِي

وأسْحَقُ تحْتَ قَدمَيَّ من يُسبِّحُ بِالحمْدِ

 وَبِجَدوَى الخَلْقِ لاَ أبَالِي …؟

فمَا جَدْوى أن أكونَ إنسانًا…؟

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*