موصليّونَ في المَصحَّةِ النفسيّةِ : عبد الله سرمد الجميل – شاعر وطبيب من العراق

عبد الله سرمد الجميل

 

المريضُ الأوّلُ: إذا رفعْتُم أنقاضَ بيتي وأعدْتُم بناءَه ،

فلا تضعوا فيهِ الأبوابَ ،           

التّشخيصُ: رُهابُ البابِ ( باب فوبيا ) ،

السّببُ: طَوالَ ثلاثِ سنواتِ لم تفارقْ عيناهُ بابَ بيتِهِ ،

بانتظارِ من يقتلونَ أو من يحرّرونَ ،

المريضُ الثّاني: أنا حمارٌ، أنا حمارٌ، أنا حمارٌ ،

التّشخيصُ: ندمٌ فائتُ الأوانِ ،

السّببُ: غنيٌّ لم يُغادر المدينةَ بعدَ دخولِ داعشَ ،

المريضُ الثّالثُ: يمزّقُ أيَّ شيءٍ أسودِ اللّونِ ،

لقد فقأَ عينيهِ السّوداوينِ قبلَ يومينِ ،

التّشخيصُ: جنونُ الألوانِ ،

السّببُ: أقاموا عليهِ الحدَّ في دهاليزَ سوداءَ ،

حبَسوهُ في زِنزانةٍ سوداءَ ،

أطلقوا عليهِ الكلابَ السّذوداءَ ،

عَصَبُوا عينيهِ بلِفافةٍ سوداءَ ،

وهم كائناتٌ سوداءُ ،     

المريضُ الرّابعُ: استخرجْنا من مَعِدتِهِ أعقابِ سجائرَ ،

وكارتاتِ تعبئةِ الهاتفِ الجوّالِ ،

التّشخيصُ: صدمةٌ ،

السّببُ: أعدموا زوجتَهُ أمامَهُ لأنّهم لمحوها تتكلّمُ خلسةً مع أهلِها النّازحينَ ،

معَ عُلبةِ سجائرَ مخبّأةٍ في ثيابِها الدّاخليّةِ ،

المريضُ الخامسُ: في اليومِ الواحدِ يُفرغُ قِنِّينةَ عطرٍ كاملةً ،

التّشخيصُ: الوَسواسُ القهريُّ ،

السّببُ: ليُخفيَ رائحةَ السّجائرِ والعرقِ المحليِّ من فمِهِ ،

المريضُ السّادسُ صارخاً: انتظروني فقط وسترونَ ،

انتظروني فأنا أخوضُ أصعبَ معركةٍ مع نفسي ،

إن انتصرْتُ عليها فأسنتصرُ على العالمِ ،

انتظروني فقط وسترونَ ،

انتظروني فأنا أسدٌ جريحٌ الآنَ ،

التّشخيصُ: انفصامُ الشّخصيّةِ ( شيزوفرينيا ) ،

السّببُ: أيّامَ التّحريرِ كانَ محاصراً في بيتِهِ ،

فلم يقدِرْ أن يُسعِفَ أباهُ النّازفَ حتّى الموتِ ،

المريضةُ السّابعةُ: لكَ الحمدَ ربّي أنَّ السّماءَ رفعْتَها بغيرِ عمدٍ نراها ،

ولا تراها الطّائراتُ ولا الصّواريخُ ولا الأقمارُ الصّناعيّةُ ،

وإلاّ لقصَفوا سماءَكَ وهَوَتْ فوقَنا النّجومُ ،

كما قصَفوا سقفَ غرفتي وهوتَ فوقَ زوجي الحجارةُ ،

أنا لن أنامَ إلاّ في العراءِ ،

أنا لن أنامَ إلاّ تحتَ سماءِ اللهِ ،

التّشخيصُ: رُهابُ السّقفِ ،

السّببُ: سقوطُ سقفِ غرفةِ النّومِ ،

المريضةُ الثّامنةُ: بالمنديلِ تُلمِّعُ حَمَّالةَ المفاتيحِ ،

كمن يمسَحُ دموعَ الآخَرِ ،

تقولُ لها باكيةً: سامحيني يا حمّالةَ المفاتيحِ ،

أدري أنّ مفاتيحَ بيتي القديمةَ هم أولادُكِ ،

لكنّ البيتَ تهدَّمَ ،

أرجوكِ اقبلي مِفتاحَ البيتِ الجديدَ ،

التّشخيصُ: كآبةٌ ،

السّببُ: البيتُ الذي تهدّمَ وَرِثَتْهُ عن أجدادِها وكذلكَ حمّالةُ المفاتيحِ.

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*