لا تبكوا مرّةً واحدةً:شعر: حسن العاصي – شاعر فلسطينيّ مقيم في الدّانمرك

حسن العاصي

 

منذ كنتُ أتوسّدُ
كفَّ الفجرِ الأعلى
الممتدِّ مثلَ أرجوحةٍ
أسفلَ الظّلالِ
لأستوطنَ صهوةَ الحدقةِ
كانوا يُخرجونَ من دمِ المدينةِ
زهرًاً وصلاةً
يشبهونَ مسافةَ الجرحِ
والحزنِ المعلَّقِ كالمشانقِ
ثكالى اعتصمنَ بمحرابِ الموتِ
بصراخٍ يئدُ البكاءَ
مثلَ قصائدَ متقرّحةٍ
وصغارٌ تفصلُ بينهم
فجواتُ الوجعِ
كأنّهم سيلُ عصافيرَ جارفٌ
والرّجالُ أكفانٌ ترقدُ دونَ وداعٍ
فتحتُ وجهَ الطّيورِ الغافيةِ
فوقَ المدينةِ المكبّلةِ
فهطلَ المطرُ
قالتْ سبعُ نسوةٍ
إنّه ريحُ الموتِ
والراحلونَ دمٌ مسفوحٌ
حدَّ الهاويةِ
ابذُرُوا لونَ الحشرجةِ
على سياجِ الوادي
ينبتْ فوقَ جلدِ الدّروبِ
عشباً وأحلاماً
قطعتُ من لحمي
ليفًا لضفرِ الصّبحِ
تواترَ البكاءُ
دونَ رائحةِ الصّراخِ
أقامتِ النّسوةُ شعائرَ الجنازةِ
دفقةً دفقةً
والصّغارُ أحضروا الآياتِ
قالتِ العجوزُ
لا تبكوا مرّةً واحدةً
حتّى تتوالي الطّيورُ
في السّهلِ الغربيِّ
أجري بعيداً نحوَ طوفانِ التّرابِ
كنتُ أتبعثرُ في توحّدي
كنتُ أحصّنُ نفسي من الجنونِ
لكنّني جُننتُ

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*