الفنّانة سلوى الكعبي في معرض جماعيّ بالمكتبة المعلوماتيّة بأريانة : معرض و لوحات في طعم الذّاكرة الحيّة.. بألوان القلب و الحنين . عرض : شمس الدّين العوني – تونس

thumb_6571_default_big

elsadaansaf

إنصاف الغربي

%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%a7%d8%b9%d8%b1-%d8%b4%d9%85%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%88%d9%86%d9%8a

شمس الدّين العوني

يتواصل بالمكتبة المعلوماتية بأريانة معرض جماعيّ لمجموعة من الرسّامات افتُتِح يوم الجمعة 06 جانفي 2017 على السّاعة الخامسة مساء ، بمشاركة إنصاف الغربي و نسيبة العيادي العروسي و دليلة العيادي و سلوى الكعبي و زعرة نصيب .

وقد جاء هذا المعرض  بمنزلة فسحة جماليّة و فنية في تجارب عدد من الفنانات التونسيات سعين في لوحاتهن إلى استلهام الأجواء والأشكال الخصوصية للمدينة العتيقة  كالأقواس و الأبواب والنوافذ  القديمة و غيرها من المظاهر التراثية ، باعتبار تلك المدينة  حاضنة ثقافة و تاريخ و عادات و تقاليد.فجاءت أعمالهن تعكس وعيا بقيمة هذا المكان في الفن و انغراسه في وجدان  الإنسان التونسي. و لعل من أهم الأهداف التي يرمي إليها هذا المعرض  التحسيس بضرورة المحافظة على المدن التونسية العتيقة  و معمارها  المتميز ، لا سيما أنها تتعرض  اليوم إلى التشويه و السلخ  بإقحام فضاءات فوضوية  فيها و بتزايد مظاهر التهرئة و الانحسار و خاصة أمام زحف البضائع المستوردة  و “الكاملوت” على حد عبارة الكاتبة سلوى الراشدي  في مجموعتها  القصصية  الموسومة بباب الذاكرة التي عرضت فيها ما يتهدد المدينة العتيقة من إهمال و ضياع .من ذلك  قولها في الصفحة 27 من “…قد تتعثّر أحيانا في بضاعة مصنوعة بتايوان أو باليابان أو إيطاليا فتحثّ الخطى كأنّما تنشد المدينة العتيقة التي لم نبلغها بعد… “.. وقد ازدان غلاف هذه المجموعة التي جاءت في 136 صفحة بلوحة لابنتها الرسامة سهير الراشدي  وضمت بين طياتها 13 قصة  اخترات لها صاحبتها  العناوين التالية : اغتراب حكاية  ،وشم  ، من ذاكرة النسيان ، بائع الكعك  ، هل وصل الساعي؟ ،  من ذاكرة عجوز، دينا معمر  ،دع الباب مفتوحا ، هل نلتقي؟  ،انسلاخ  ،حديث الحجارة  ،باب الذاكرة  ،محطات ، في بلاد فولتار.
و من أبرز ما يحتويه هذا المعرض لوحات  الرسامة سلوى الكعبي التي تحتفي  بالمدينة  باعتبارها حاضنة جمالية  فجاءت ألوانها وأشكالها موغلة في الإيحاء ، دون الانزياح عن الواقع المنظور في هذا الفضاء المعماري المخصوص .
أما الرسامة نسيبة العيادي ففي لوحاتها تنافذ مع عوالم المكان و محاولة رشيقة في التقاط الجوانب الساحرة ، الآسرة فيها مع الإحالة   على  ما تنطوي عليه من مخزون ثقافي حضاري متفرد…

وأما الرسامة إنصاف الغربي فقد اتجهت في لوحاتها إلى تصوير جزء من كيانها  المكتظ بالمشاهد والذكريات والحنين والجامع بين الانغراس في الواقع والانسراح  في عوالم الخيال والحلم الفسيحة. فمن مدينة قليبية أرض الينابيع تحاور ألوانها البرج في شموخه وجماله وعنفوان تواريخه وهي التي قضت طفولتها وكبرت على إيقاع النظر باتجاهه. فهي مأخوذة بالمدينة والأبواب والأزقة والأقواس وبكل ما يشي بجوهر المكان ومنه المدينة التونسية العتيقة ، كما يحضر التراث في لوحاتها .من ذلك اللباس البدوي الذي يبرز في لوحة المرأة ذات اللباس التقليدي وكذلك الطبيعة الصامتة  التي تحضر في القنينة وصندوق الحلي والمزهريات. وهي  أيضا يأسرها الحنين والوجد تجاه الذكرى والأمكنة.
وأما الرسامة  دليلة العيادي  فهي تسافر بألوانها عبر أشكال متعددة في شواسع المدينة ، افتتانا بجمالية المكان. و المدينة عندها أيضا عنوان فيض من الفن والإبداع و ذاكرة مستحثّة ..

وأما الرسامة  زعرة نصيب التي تعددت مشاركاتها في المعارض الخاصة و الجماعية فهي تتناغم في لوحاتها مع المدينة تقصّدا للينابيع .فالمكان عندها و المدينة تحديدا بمثابة المجال الجمالي المفتوح على دهشة اللون و الإبداع..
ومجمل القول أن هذا المعرض جاء  حافلا بمعان تصب كلها في خانة الاحتفاء بالجوهر و بالجميل و بالأصيل الكامن فينا في مواجهة النسيان و التشوه و المفتعل و العابر.. إنه معرض  في طعم الذاكرة الحية..و بألوان القلب و الحنين.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*