العشقُ والتّيْهُ وأنتِ الوطنُ : شعر : محمّد بن رجب – قليبية – تونس

أنشر اليوم واحدة من القصائد التي كتبتُها قبل أكثر من خمس و أربعين سنة …. كنت إذّاك طالبا في السّنة الأولى من المرحلة الثّانية في كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة (شعبة التّاريخ والجغرافيا). وكنت أيضا متابعا لكلّ ما يُنشر في تونس ولكلّ ما يُطبع ولا أفارق دار الثّقافة ابن خلدون ودار الثّقافة ابن رشيق…وغيرهما بحثا عن مسرحيّة جيّدة او فيلم له ما يستبطنه من فكر وأبعاد مهمّة …كما أنّي لم أكن أفارق دار الثّقافة بقليبية في العطل صحبة الأستاذ الرّاحل عبد القادر الدّردوري والأساتذة محمّد حميّد واحمد بن الشّيخ وعبد المجيد الأرناؤوط. وهناك أنتجنا المسرحيّات شاركنا بها في المهرجان الوطنيّ لمسرح الهوّاة وصوّرنا بعض الأفلام في نطاق الجامعة التّونسيّة لهوّاة السّينما ..كما نشّطنا النّوادي الأدبيّة وأصدرنا مجلّة ثقافيّة……

13227559_10210405612843596_1931719172800435352_o

محمّد بن رجب

1625587_620829154718383_6530271211895332401_n1-620x330

 

عندما تفتحُ المدينةُ أبوابَها

تكونُ أبوابي مغلقةً

 والمراتيجُ صعبةَ المنالِ

 تفتحُني الهمومُ ..

وتشربُ من دمي.

يا سيّدتي ..

أنتِ البوحُ

وأنا الصّوتُ المبحوحُ

.. فلا تزيدي تشعّبي

وضمّيني من الرّوحِ إلى الرّوحِ ..

عندما يطلعُ الصّباحُ

لا تلتئمُ عندي الجراحُ ..

يتواصل ليلي

يفترسُني الهمُّ

وشهرزادي يا سيّدي

تسكتُ عن الكلامِ المباحِ.

قولي لهم

هذا جسدي

والمنهوكُ أنا

 .. والمهدورُ دمي

رفضتني القبيلةُ

يا سيّدتي والملجأُ أنتِ..

لا تبحثي عن السّببِ

واسكنيني إلى الأبدِ

قولي لهم:

عشقي حلالٌ

وحبّي للوطنِ لا ينتهي

فهل يُشنَقُ المحبُّ

ولا ذنبَ له سوى حبِّكِ

وحبِّ هذا الوطنِ

 .. .قولي لهم

أنا عاشقُ الحياةِ

بكلِّ المتاعبِ في قلبِهِ

بكلِّ همومِ الوطنِ ..

ومَنْ أحبَّ حتّى الموتِ

أبدًا لا يموتُ

 تكلّمي …قولي

 إنّهُ الحبُّ والحلمُ

دعيني أحلّقُ في صبوتي

ولا تحرميني أيا منيتي

أنا أحبُّكَ يا بلدي

فهل تفهمين سيّدتي

يا امرأةً هي كلُّ كياني

هذه صرختي

وهذا دمي اسكُبيهِ في العشقِ متى شئتِ

وادخلي ملّتي

فلا أملَ اليومَ في الصّمتِ

تكلّمي

تكلّمي

قولي “تونسُ دمي

وفلسطينُ دمي

وبيروتُ مدينتي المغلقةُ

وبغدادُ حبّي الكبيرُ

وكلُّ الوطنِ أنتِ

وطفلي القادمُ

دعيني أكسِرُ المراتيجَ

 دعيني يا سيّدةَ العشقِ

أحطّمُ الجسورَ التي دمّرتْني

لم أعدْ أطيرُ

لم أعدْ أطيقُ

لم أعدْ أقدرُ على الصّمتِ

كلامي لا يباعُ

هبّتِ الرّيحُ من الشّرقِ

وهزّني الشّوقُ يا قلقي

ويا أبوابي المغلقةَ

لا تفضحي توقي

وافسحي الطّريقَ

هذا دربُ العاشقِ ..والعشيقِ

 قرّرتُ السّفرَ

بهذا الهمِّ وهذا التّعبِ

وحدي في الرّحيلِ داخلَ دمي

وحدي على الجسرِ

أصرخُ حرّيتي حرّيتي ………

حاولوا يا سيّدتي إسكاتي

إنّما وأنتَ تعلمينَ

كلامي لا يُعلّبُ في صناديقَ

كلامي لا يباعُ

فأنا العصفورُ

لا أنتهي من الغناءِ

في هذا الفضاءِ الرّحبِ

تحلّقُ معي الكلماتُ

تصّاعدُ في دماغي

تشتعلُ دماءً

فاتركي عشقي

يا أملي إن خفتِ التّعبَ

إن خفتِ العَناءَ

أنا العشقُ

والموتُ يا وطني لا يلبسُ الأزرقَ

إنّه الحَمامُ المحلِّقُ في صَبوتي

إنّه قدري

فانضمّي إلى حبّي

إلى جبهتي سيري على دربي

وضمّيني من العشقِ إلى العشقِ

رافضٌ والأرضُ معي

دعيني أنادي القبيلةَ

دعيني أصرخُ

يا أهلَ القبيلةِ

هذا دمي

أهدرُوه إن شئتمْ

اسكُبوه في الشّوارعِ

جسدي متعبٌ بهمومكمْ

وان كانَ لا يعرفُ التّعبَ

هذا دمي

فلا سيفُكم يُرهبُني

ولا الموتُ مخيفٌ

أنا أحلمُ…

وحلمي أحملُهُ في تلافيفِ الجسدِ

حلمي…هو حلمُكِ

أفقتُ من حلمٍ جميلٍ

يا سيّدة الوطنِ والحُبِّ

تمنّيْتُ أن أعودَ إلى النّومِ

كنتُ أحلمُ، أحلمُ بالعصافيرِ

كنتُ أحلمُ

بالصّدقِ أراهُ على وجوهِ الأحبّةِ

والأصدقاءِ

كنت أحلمُ بالزّيتونِ والتّفّاحِ واللّيمونِ والحبِّ

رأيتكِ ترتعينَ في حديقتي

تضحكينَ وأضحكُ

رأيتُ جنوني

رأيتُ جنونَكِ

ما أروعَكِ حينَ تعلنينَ الجنون 

وتسخرينَ من الدّنيا بأسرِها

لانّكِ تحلمينَ بغيرِها

أفقتُ فرأيتُ السّوادَ على يميني

والشّرطيَّ لا يبتسمُ أبدًا

تمنّيتُ العودةَ إلى نومي

لكن كيفَ السّبيلُ إلى الحلمِ ؟

ما أجملَ الحلمَ يا سيّدتي

كوني غضبي

أَكُنْ لكِ الزلزالَ

أكنْ لكِ التّاريخَ

أحبُّكِ….

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*