الرّسّامة هندة العبيدي ..و القول بتجريديّة الحال و العناصر و التّفاصيل : اعتبرت فنّ الرّسم أرضها الأولى وراحت تحضن الألوان و تنظر مليّا تجاه القماشة: تقديم :شمس الدّين العوني – تونس

henda-laabidi1

الرّسّامة هندة العبيدي أمام لوحة من لوحاتها

téléchargement

شمس الدّين العوني – تونس

114-hendalaabidi

 

للإبداع الفنّي مجالات شاسعة للقول بالذهاب عميقا ضمن مسيرة ما في الحياة التي تتعدّد تلويناتها و تختلف عطورها و تتنوع عباراتها وفق هذا الحيز المفتوح من الكينونة حيث الذّات في حلّها و ترحالها و لا مجال لغير النظر و التأويل و الصّدح بالأبجديّة في روافدها المتعدّدة..
و ضمن هذه الفكرة الإبداعيّة يظلّ الرّسم عنوانا لافتا ضمن تجوال العين و القلب و الدّواخل في هذه الدروب حيث النّظر بعين القلب لا بعين الوجه لتبرز الكلمات و هي تحاور العناصر و تحاولها بحثا عن ممكنات اللّون و الشّكل و الإطار في ضرب من المغامرة و الذّهاب بعيدا و عاليا في التّراب الذي فوقه سماء..

الألوان كالأصوات .فهي تعلو و تخفت بحسب الحالة و هنا نلمس حالات الفنّان من خلال القّراءات البصريّة و الفنّيّة ليظل التّأويل مجالا للقول بثراء الأثر الفنّي و ممكناته الجماليّة و الوجدانيّة و الإنسانيّة.
هكذا نلج تجربة الرّسّامة هندة العبيدي التي نهلت منذ الطّفولة الأولى من عوالم التّلوين في علاقتها البريئة بعلبة التّلوين لتكبر الطّفلة بعد ذلك و تصبح أسيرة عوالم الرّسم الجميلة طوعا و كرها.فهي التي اعتبرت فنّ الرّسم أرضها الأولى وراحت تحضن الألوان و تنظر مليّا تجاه القماشة بحثا عن ذاتها التي وجدتها حالمة بالكلمات و بالغناء العالي فغدت عوالمها ملوّنة بالتّذكّر و بالنّسيان..

أنت أيتّها الذّاهبةُ إلى
النّسيان…

العائدة من النّسيان

مزّقني الحبّ و الخجل
..
و صرت كشهقة الأزرق في سراب اللّغات..

التّذكر..و النّسيان حالتان لألوان شتّى..كونٌ من تجريديّة الحال و الأحوال..هكذا تخيّرت الرّسّامة الطّفلة هندة العبيدي ألوانها الملائمة و في قلبها شيء من الكلمات..و الذّكرى حيث كبرت مع علبة التّلوين و كانت القماشة و اللّوحة مجالين شاسعين لرؤية العالم و الآخرين وفق لون من التّجريد ..
التّجريد يحيل على شاعريّة أخّاذة و هو مسافات للبوح و القول و الكشف عن عذوبة أخرى في هذا السّياق من جماليّة العناصر و التّفاصيل و الأشياء.
الأكريليك فكرتُها التّشكيليّة و التّجريد مفرداتها التي أطلقتها لتقول بالحوار الجماليّ مع الذّات و مع الآخرين فالفنّ هو هذه الكآبة المخصوصة باللّون و بالأشكال الأخرى على غرار الخزف و النّسيج و النحت و ما إلى ذلك من الفنّيات المعاصرة..
ماذا يقول الشّاعر في
هذه الأكوان التّجريديّة..
له البهاء …
و عليه بالصّمت الباذخ
..
حيث لا أغنية و لا لون
سوى فكرة يسافر فيها مثل فراشات
مزركشة من ذهب الأزمنة..

نعم… الرّسّامة هندة العبيدي تذهب في هذا السّفر الملوّن تحضن طفولتها و تكتفي باللّوحة المعلّقة في الجدار حيث القماشة الطّافحة بالشّجن و الممتلئة أحيانا بالبهجة العارمة..و بين الحالتين تغنم الطفلة الكامنة فيها شيئا من حرقة اللّون و عذاب الأسئلة و بهاء العبارة…و الفنّ في النّهاية هو هذا الشّجن المضيء في أرجاء الأكوان..أكوان الفنّان الحالم …الفنّان الطّفل..

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*