بمناسبة معرض الرسّام محمّد شلبي بالبلفيدير ( تونس) : محمد شلبي فنّان آخر من زمن الحيرة الكبرى…

MOHAMED-CHELBI222

الفنّان التّونسيّ محمّد شلبي

كيف أرسمك أيتها الأشياء و التفاصيل..كيف أفتفي أثرك و أمحو بياض الأحوال..و هل ثمة أحوال خارج سرب عناصرك المفعمة بالنظر و بالآه..ما الألوان إلا ترجمان للقول بالذات و هي تكابد للإقامة المثلى..بين الوردة و السكين..هناك مجال للذهاب الى الينابيع و الى الأشياء البعيدة حيث الغناء العالي بأصوات خافتة..
هذا هو الفن في نزوعه النبيل و في خروجه عن المألوف ..قولا بالكينونة و انتصارا لما هو كامن فينا من حب و سؤال أصيل يرنو الى احتضان الحيرة و الهواجس و الصفاء النادر..
نمدحك
أيتها العذوبة الكبرى
و نحن نصغي لكائناتك
المأخوذة بالطفولة الباذخة
…و بالهذيان
نمجد هذا الهذيان
وعلى جسور الرغبة
نراوح بين معنى و معنى
و بين لونين
نقتفي آثار ألوانك
المجد لغنائك السائر على وجه العناصر ..
خبر الوجوه و الأحوال و التفاصيل و مضى مثل اطفال جدد و بلا ذاكرة..
هو الفنان التشكيلي ..محمد شلبي..هام بواحة من الوجوه و انتصر للحالة بعيدا عن الآلة راح يكشف شيئا من عوالمنا بما منحته القماشة و الألوان من حميمية افتقدنا أكبر مسحاتها ر..يبث فينا بعض سؤال لايلوي على غير القول بما هو نادر في التعاطي مع الفن ..و الفن عنده هذه العزلة الجميلة الموحية و المولدة و القائلة بالابتكار العظيم..
عرفته من سنوات يلهج بالنشيد التشكيلي و ينشد الخروج عن المألوف و العادي ..هي لعبته الفنية المفضلة في هذا المشهد الكوني..
أخذ عن الأب متعة الرسم و مضى بها ينحت خطاه من عمر الطفولة -13 سنة- و شغف بالقراءة و اطلع على فنون الرسم و كبار الفنانين ..الآن هو فنان ممتلئ بذاته..الرسم لديه فسحة للمرح و الوقوف بوجه الرعب و قتلا للخوف ..إنها الحالة الشغوفة بالإنسان و بالحب..و بالقيم و الحياة..
انطلقت معارضه من فضاء متحف سيدي بوسعيد قبل أكثر من عقدين ..انطباعي المنحى و الهوى يمتح من عطور سيزان و رينوار و فان غوغ…و هكذا..هو على رأي نيتشة ” لدينا الفن كي لا تقتلنا الحقيقة “هو من عشاق مدرسة الحياة..
وجوه الناس الحيارى و المأخوذين بالذهول او ما يشبه الانتظار..القردة ..الأجسام المتوثبة و المتحركة..المهرجون..و مشاهد أخرى مختلفة..سيد للبورتريه بامتياز..هي حالات أعماله و لوحاته يحضنها بشوق المحبين لفنهم ..أحلامه فنية ملطخة بألوان الدهشة و سيرتها الأولى..
محمد شلبي فنان آخر من زمن الحيرة الكبرى التي تاه فيها المفكرون و الشعراء و الفلاسفة..الرسم لديه حياة بعينها و الحب طريقه و طريقته المثلى لحظة الهبوب..هبوب الفراشة..

تقديم : شمس الدين العونيّ – تونس 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*