لا محسوس Abstrait شعر: ألِينا مرتيناز – شاعرة كنديّة من أصل إسبانيّ – مونريال – الكندا

1794524_10153788894600328_1357618043_n

ألِينا مرتيناز – شاعرة كنديّة من أصل إسبانيّ – مونريال – الكندا

stock-illustration-43052606-abstract-colorful-template-vector-background-brochure-design

 

عالمي عالَمُ أخْيِلةٍ وصُوَرْ
عالَمٌ لا يدركُهُ السّمعُ والبصرْ
كلُّ فكرةٍ لي فيه تتراءى كوجهٍ
بَيِّنِ القسماتٍ، بارزٍالأثرْ

حواسّي لوحةُ ألوانٍ زاهيةْ
درجاتُها اللّونيّةُ عجيبةٌ، متداخلةْ
تسيلُ من بينِ أصابعي الدّافئةِ النّديّةْ
على أديمِ الفكرةِ المجرّدةِ الرّماديّةْ

رموزٌ غريبةُ، جمّةُ الأسرارْ
كورقِ شجرةِ متساقطٍ ،مُستطارُ
ذَهُبُ لطخاتِها الدَّوَّارْ
يُصيبُ ناظريَّ بالدُّوَّارْ

في طريقِ فكريَ السّالٍكْ
بيْنَ سِنانِ الجَوْلقِ الشّائكْ
في الحدِّ الفاصلِ بين الحسِّ والمنطِقْ
أسمعُ براعمَ صُوَري تتفتّقْ

ألِينا مرتيناز – شاعرة كنديّة من أصل إسبانيّ – مونريال – الكندا

 

 

تعليق محمّد صالح بن عمر:

 

هذه قصيدةٌ- بيانٌ أخرى نقترح عليكم قراءتها معنا اليوم.وقد كتبتها صاحبتها في جنس شعريّ فرعيّ لعلّ من أهمّ فوائده أنّه يضيء للقارئ مفهوم الكتابة الشّعريّة عند شاعر معيّن أو شاعرة معيّنة.
في هذه القصيدة تقوم تلك الكتابة ، حسب ما جاء في النّصّ ، على ثلاثة أسس رئيسة هي، في الحقيقة، ثلاث ملَكَات أو ، إن شئنا، كفاياتٌ إذا أردنا استعمال المصطلح العلميّ المناسب في هذا المجال ، هي : المخيّلة والحساسية واللاوعي.
أولى هذه الملكات تتيح للشّاعرة إمكان الانعتاق التّام من إسار الواقع الماديّ المحسوس لتسرح في عالم مجرّد، معدنه صور الأشياء والكائنات الحيّة ، تلك التي تلوح لها واضحة، جليّة على الرّغم من كونها لا صلة لها بالواقع .وهذا النوع من الخيال يسمى اصطلاحا ” خيالا خلاّقا”في مقابل ” الخيال النّاسخ” الذي يتوفّر عند كلّ فرد من أفراد الجنس البشريّ.
أمّا الكفاية الثّانية أي الحساسية فهي تتعلّق بمجال محدّد هو مجال الألوان.وهو ما يجعلها كفاية بصريّة. على أنّ غياب الميل هنا إلى لون معيّن، نتيجةً لتداخل الدّرجات اللّونية الشّديد بل الغريب، كما تقول الشّاعرة، يسم عالمها بدرجة عالية من الضّبابيّة .وهي سمة مواتية للتّوغّل بعيدا في الحثّ والتّأويل.
وللكفاية الثّالثة – وهي اللاّوعي – وما هو بكفاية عند النّاس العاديّين – أهمّية بالغة أيضا، لأنها تنطوي على أخصب مصدر للفعل الفنّي .وهو”الرّوح” ( psyché) بالمعنى النّفسانيّ للكلمة ، تلك التي تزخر، حسب صاحبة القصيدة ، بفيض من الرّموز ينصبّ في فضاء النّصّ تدريجيّا في أثناء عمليّة إنشائه دون أن تدرك بالضّرورة دلالة كلّ رمز منها. والحقّ أنّه لا يمكن لأيّ فنّان أن يبدع إذا لم يعش بكلّ جوارحه هذه اللّحظة الحارقة التي تكون ذاته في أثنائها  على اتّصال مباشر بمصادر إلهام نائية ، مجهولة (رموزٌ غريبةُ، جمّةُ الأسرارْ/ كورقِ شجرةِ متساقطٍ ،مُستطارُ /ذَهُبُ لطخاتِها الدَّوَّارْ/ يُصيبُ ناظريَّ بالدُّوَّارْ ) .
معذرة ! لقد طال تعليقي هذه المرّة أكثر من العادة .فلأتوقّف إذن ، مكتفيا بالقول ، على سبيل الاستنتاج ، إن هذه القصيدة- البيان تكشف لنا عن مدى ما يتّسم به عالم ألينا مرتيناز الشّعريّ من غنى وعمق وعن مدى انسجام مفهوم الشعر عندها مع أحدث ما توصل إليه علماء العرفانيات والعصبيات في هذا الميدان الجمّ الأسرار، ميدان “العبقريّة الفنّيّة”.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*