يوغا : قصّة قصيرة لمحمّد أسعد سموقان – اللاّذقيّة – سورية

محمّد أسعد سموقان

محمّد أسعد سموقانمحمّد أسعد سموقان

ألو..يسرّنا أن ندعوَك لمحاضرة.. في المركز الثّقافي.. نعم في المركز الثّقافي..
– مين اللّي عميحكي ؟
– المرشد الثّقافيّ !
حقيقة إنّني فرحتُ لهذا الاتّصال, وأحسست أنّني شخص معتبر..وربما هي تجربة النّصف قرن من الخربشة اليوميّة، حول أوغاريت وجلجامش وحول الغاب والغابة.. المخفيّ والظّاهر..حول الشّكل والمعنى.
حضرتُ.. وتلفّتُّ في القاعة . وقتها اكتشفتُ أنّه لا شكل لي ولا معنى! سوى ملء مكان شاغر في القاعة. كان المحاضر يقرأ فتتحرّك شفتاه إلى الأعلى والأسفل وشكَّلَ صوته وحركاته ضجيجاً عالياً لا شكل له ولا معنى، وراحت الخطوط في ذهني تشكِّل دروباً .. منها يصل إلى حيث تُشتّتُ همومك اليومية ، وتُشتتُ هموم المحاضرات الجوفاء..
فتتأمّلُ زرقة البحر ومداد السماء،وتتخيّل بيئة نظيفة..وتنسى قشور البّطيخ المرميّة على الصّخر بفظاظة…تتخّيل بيئة نظيفة ومحميّة لا تسمع فيها صوت (الدّولميت) الذي يمكن أن يمزّق جسدك..كما جسد الأسماك..
وتنسى الأحصنة الميّتة المرميّة على الشّطّ وهي تعجُّ بالديدان..مقابلَ المدينة الرّياضيّة..تنسى هذا..ولا تشمّ إلاَّ الأكسجين النقيّ.. لأنّك تنسى وتعرف أنّ زهيرًا الذي أسميته رجل البيئة الأول يتكفّل بحرقها.. من أجل أن يتنعّم بالاستلقاء على الرّمل السّاخن فهو يُحبُّ الرّمل والتّدحرج عليه..
ويكره روائح الجثث المتفسّخة على الشّاطئ.
– ألو…أستاذ سموقان … بدنا منك لوحة للمشاركة في معرض………نحنُ النّقابة..
يبدو لي أنّني صاحب تجربة الطّبيعة والشّجر،البحر والماء..الشِّباك والصيّادين والضّوء، صاحب أبجدية الشّكل..لقد وصلت إلى تحقيق آمال بنيتها من خمسين عاماً..فهم مسكوا مفاتيح المناسبات. فالمعرض..هو لنتصوّر ونلتقي.. وليُكتب عنّا،وقد يرى صورنا النّاس في الصّحف والتّلفاز .فنتوهّم ويتوهّمون أنّنا بهذه الألوان نستطيع أن نغيِّر وندخل إلى القلوب والعيون ونمنع رمي الجثث على الشّواطئ ونشكِّل محميّات لقلوبنا وعقولنا.. سنرى وجوهاً تعبيرية لعامر ديوب ،وجوهاً عاشقة ومحبّة وثائره، وجوهاً طفوليّة ..سنرى الصّيّادين الذين أصبحوا قدِّيسين في تجربة هيثم شكور..سنعشقهم وسنفرح للقائهم بحزم من ضوء وياسمين.
ربّما هذه المرّة سنُكرَّم !.ولن تُعلّق اللّفتة قبل ربع ساعة من المعرض فقط..سنرى دليلاً ملوّناً لجميع الأعمال مشابهاً لدليل المعرض السّنويّ..والبلديّة ستُخصّص مراسم لبعض الفنّانين ليرسموا بها كما فعلت دمشق وحماه وحلب ! .
سأشارك في هذا المعرض لأنّه في هذه المرة ستقتني المحافظة جميع الأعمال.. كما تفعل بقيّة المحافظات..!!
فقبلة لكم وللفناّنين وقبلة لمن يمارس يوغا البقاء.

محمّد أسعد سموقان

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*