أرشيف تعاليق محمّد صالح بن عمر النّقديّة على الشّعر:10 : قصائد ميسون السّويدان : 10- 1: ألاَ ليتَني في آخرِ اللّيلِ نسمةٌ

ميسون السّويدان

 

ألاَ ليتَني في آخرِ اللّيلِ نسمةٌ … 

بصدرِكَ تعلو .. تختفي .. تَتَأرْجَحُ …

ويا ليتَ أبوابَ المدينةِ كلَّها…  

تُسَدُّ وبابًا في فؤادِك يُفتَحُ …

 

(ميسون السّويدان ، شاعرة كويتيّة  )

 

يعدّ الحبّ من طرف واحد أحدَ الأغراض الأشدِّ خصوبةً وازدهارًا في الشّعر العربيّ القديم ، نتيجة تصلّب العادات والتّضييق المفروض على العلاقات بين الجنسين في المجتمع العربيّ . فقد أفنى شعراء عظام مثل عنترة بن شدّاد وجميل بثينة وقيس ليلى وقيس لبنى حياتهم في بثّ لواعج غرامهم تجاه  معشوقاتهم،   دون أن تكلّل مساعيهم بتليين قلوب آبائهنّ أو حتّى قلوبهنّ أحيانا .لكنْ في العصر الحديث يبدو أنّ الأدوار قد قُلبت بظهور شاعرات عربيّات عشن التّجربة نفسها فانبرين يفصحن عن آلام الجوى التي يتسبّب فيها لهنّ حبّهن غير المتبادَل مع من يعشقن ، مثلما هو الحال في هذه الأبيات التي فعلت صاحبتها المستحيل على صعيدي التمنّي والرّغبة  لأجل هدم  الحاجز العاطفيّ الذي يحول دون النّفاذ إلى قلب فتى أحلامها . على أنّ الغرض ، في حد ذّاته ، على الرّغم  ممّا يختزنه  من طاقة انفعاليّة عارمة ،لا ينبع منه وحده سحر هذا القول الشّعريّ . وإنّما ينبغي  النّظر صوب الأسلوب حيث   أظهرت الشّاعرة قدرة فنّيّة غير اعتياديّة  على  تصوير  جموحها وتهيّجها العاطفيّين . وذلك بحسن توظيف تقنية المبالغة والتّفخيم . وهو ما مكّنها  من تصميم صورتين مبتكرتين تماما : أحداهما بالتّماهي مع النّسمة كي يبتسم لها الحظّ في النّفاذ إلى صدر المحبوب والأخرى  بتفضيل انفتاح قلبه على انفتاح كلّ أبواب المدينة .وفي هذا تأكيد لقدرة الحرمان على الارتقاء بالعبارة الشّعريّة إلى أعلى درجات الألْق الجماليّ  .فلنتمتّع ، إذن ، بجمال هاتين الصّورتين المدهشتين ، راجين لشاعرتنا أن ينفتح لها قلب محبوبها في القريب العاجل.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*