الجريمةُ : شعر: محمّد بوحوش – توزر – تونس

محمّد بوحوش

 

يمشي متنزّهًا في خيالِهِ الضيّقِ الأسودِ…

مترنّحًا من فرطِ بلاغةِ  الدّمِ الأحمرِ القاني، وسطوعِ  المجازِ

 في جثّةٍ مقطّعةِ الأوصالِ يعيدُ تركيبَها  في ذهنِهِ….

لعلّهُ كانَ يمشي في غابةٍ أو غرفةٍ، ويدندنُ أغنيةً مّا،

لكنّهُ على يقينٍ باردٍ بأنّهُ يمشي  في أرجاءِ خيالِهِ المقفَلِ،

حيثُ لا أثرَ للمجازِ، فالأكياسُ السّوداءُ منثورةٌ حولَهُ

في تلكَ الأكياسِ رائحةٌ تشيرُ إلى جهةٍ مّا،

رائحةٌ تشيرُ إلى فقهِ الرّؤوسِ،

 تلكَ الرّؤوسِ التي قُطعتْ ولمّا تزلْ تُقطعُ.

في الأكياسِ جسدٌ شظايا، ذاكرةٌ  ماكرةٌ

ودمٌ نافرٌ يصرخُ.

  يمشي مشتعلاً في خيالِهِ،

يحاولُ أن يتمثّلَ القتلةَ،

وأن يجدَ بلاغةَ المعنى في اللاّمعنى.

يظلُّ يفكّرُ بالجريمةِ:

وهي تلكَ المرثيّةُ الجماعيّةُ التي كتبَها القتلةُ،

 تلك التي تفوحُ ببلاغتِها المرّةِ، وإيقاعِها المارقِ عن الوزنِ.

الجريمةُ ضميرٌ لن يصحوَ،

الجريمةُ حينَ تختفي الجثّةُ، وما من  أثرٍ يدلُّ عليها

 سوى منشارٍ إلكترونيٍّ دامعٍ، دامٍ، يراهُ  مركونًا في الغرفةِ.

الجريمةُ أطرافُ جسدٍ  تقهقهُ  في العراءِ، وتشيرُ إلى القاتلِ.

الجريمةُ  شوكةٌ عالقةٌ بالحلقِ.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*